٦ - «وأنه فوق عرشه المجيد بذاته، وهو في كل مكان بعلمه».
الذي في كتاب الله تعالى أنه سبحانه استوى على العرش، فالتعبير به أجود، وإن كان ربنا ﷿ قد وصف نفسه بالفوقية، لكن لا بقيد كونها على العرش، وهذا المعنى هو الذي دفع القاضي عبد الوهاب إلى القول: «هذه العبارة الآخرة التي هي قوله (على العرش) أحب إلي من الآولى التي هي قوله: «وأنه فوق عرشه المجيد بذاته»، لأن قوله:(على عرشه) هو الذي ورد به النص، ولم يرد النص بذكر فوق، وإن كان المعنى واحدا، وكأن المراد بذكر الفوق في هذا الموضع أنه بمعنى على، إلا أن ما طابق النص أولى بأن يستعمل»، انتهى، وهذا يدلك على ما كان عليه الناس في وقته من التقيد بما في النصوص عند الحديث عن العقائد، ولا سيما صفات الباري ﷿.
وقد ذكر المؤلف هذا عقب ذكره صفة العلو ليبين أن علوه تعالى على الحقيقة لا على المجاز كما يقول المؤولة، وقوله بذاته أضافها لرد دعوى المجاز الذي ذهب إليه من ذهب من المؤولين، ولينفي ما قيل بوجوده في كل مكان كما ذهب إليه أصحاب الحلول، ولذلك ذكر بعده قوله:«وهو في كل مكان بعلمه»، وذكر في الجامع هذه العبارة غير أنه أضاف إليها كلمة «دون أرضه» حسما لتأويل من قد يتأول كلامه، أو يتبع المتشابه من النصوص، فجزاه الله خيرا، قال ﵀ في الجامع:«وأنه فوق سماواته على عرشه دون أرضه، وأنه في كل مكان بعلمه»، انتهى، وإنما قلت هذا لأنه سيأتي له ذكر الاستواء على العرش، فحمل كلامه الظاهر التكرار على وجه يستفاد منه جديد خير من اعتباره تكرارا