للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محضا، وإن كان كثيرا في رسالته هذه.

والصواب: أن (المجيد) في كلامه مخفوض على أنه صفة للعرش، وزعم بعضهم أن قول المؤلف بذاته متعلق بالمجيد، وضمير الغائب المضاف إليه على كل من القولين يرجع إلى الله تعالى.

والمجيد من المجد وهو الشرف الواسع، وهو صفة للعرش، فيكون المعنى العظيم العالي على جميع الخلائق كما قالت العرب: «في كل شجر نار واستمجد المرخ والعفار»، أي عظما، والمرخ والعفار شجران يكثر قدح النار من زندهما، وقد وصف العرش بذلك في قوله تعالى: ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (٢٦)[النمل: ٢٦]، وقال تعالى: ﴿وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (١٤) ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (١٥)[البروج: ١٤ - ١٥]، قرئ المجيد بالرفع على أنه صفة لله تعالى، وبالجر على أنه صفة للعرش، ووقف ابن أبي جمعة الهبطي على (العرش) ليتعين رفع المجيد على الابتداء، وقد تقدم كلام الشيخ بكر أبي زيد في بيان الدافع لبعض الأئمة إلى إضافة كلمات في العقائد من أجل التوضيح سعيا منهم للرد على المؤولين، ومن ذلك قول المؤلف هنا بذاته، وقول بعضهم بالحقيقة، وقولهم مباين لخلقه، إلى ذلك من المعاني الصحيحة.

وجمعه بين ذكر علوه تعالى بذاته، وكونه في كل مكان بعلمه هو دفع في نحور متبعي المتشابهات، المعرضين عن المحكمات، كما قالوا في قوله تعالى: ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ﴾ [الحديد: ٤]، وقوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٧)[المجادلة: ٧]، فإن جمهور العلماء على أنها معية علم، يدل على ذلك سابق السياق ولاحقه، وهذا قول السلف، وهو أيضا قول مالك ، فعن عبد الله بن نافع قال كان مالك بن أنس يقول: الله ﷿ في السماء وعلمه في كل مكان لا يخلو منه شيء، وتلا قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾ [المجادلة: ٧] الاية»، ويدل على ذلك أيضا ما أكرم الله تعالى به أنبياءه ورسله وصالحي

<<  <  ج: ص:  >  >>