الرهن بفتح الراء مصدر رهن الشيء يرهنه من باب جعل فهو مرهون، وجمع الرهن رُهُن بمضمومتين ورهان، ويطلق الرهن على العين المرهونة من إطلاق المصدر على اسم المفعول، كالخلق بمعنى المخلوق، وقوله تعالى: ﴿فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ﴾ من هذا المعنى، ومعناه في اللغة اللزوم والحبس، لأن المرهون محبوس عند الدائن حتى يستوفي دَيْنَهُ، ومن هذا المعنى قول النبي ﷺ:«كل مولود رهين بعقيقته»، أي مرهون معلق نفعه لوالده في الآخرة على فعلها، وقوله تعالى: ﴿كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (٣٨)﴾ [المدَّثر: ٣٨] أي محبوسة بما عملت فتجزى به، والمراد به في كلام المؤلف المصدر أي الإقدام على فعل الرهن، إذ لا تكليف كما يقولون إلا بفعل، وقد دل على جوازه قوله تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ﴾ [البقرة: ٢٨٣]، وقيد السفر غير معتبر، فيجوز الرهن في الحضر أيضا عند الجمهور، وإنما خص السفر بالذكر لأنه مظنة افتقاد الكاتب، فيقوم الرهن مقام التوثق الذي يحصل بالكتابة، وقال أنس ﵁:«رهن النبي ﷺ درعا له عند يهودي بالمدينة وأخذ منه شعيرا لأهله»، رواه أحمد والبخاري والنسائي، وقالت عائشة -رضي الله تعالى عنها-: «اشترى رسول الله طعاما من يهودي إلى أجل ورهنه درعا من حديد»، رواه الشيخان، وثبت أن الشعير كان ثلاثين صاعا.
والرهن عند العلماء أن يجعل شيء من متاع المدين عند الدائن توثقة له في دَيْنِهِ، وحده ابن عرفة بأنه «ما قبض توثقا به قي دَيْنٍ»، انتهى، فخرجت الوديعة والمصنوع عند صانعه، وعرفه خليل بمعناه المصدري فقال:«بذل من له البيع ما يباع أو غررا ولو اشترط في العقد وثيقة بحق»، ذكر جواز رهن الغرر فلا يؤثر في عقد البيع لكونه خارجا عنه، ولأن الرهن يجوز تركه من أصله، فإذا رضي الدائن برهن شيء فيه غرر فلا ضير لأن شيئا خير من لا شيء.