للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٤ - «وفي الصلاة على الميت قيراط من الأجر، وقيراط في حضور دفنه، وذلك في التمثيل مثل جبل أحد ثوابا».

رحم الله ابن أبي زيد فإنه لم يكن من أهل الفقه الذين جردوه مما عدا أفعال الجوارح، فإنه لا يفتأ يذكر بفضائل أعمال الباطن، ويرغب في ابتغاء وجه الله بأعمال الجوارح، وقد ورد في فضل تشييع جنازة المسلم والصلاة عليه حديث أبي هريرة المتفق عليه (خ/ ١٣٢٥) قال: سمعت رسول الله يقول: «من شهد الجنازة حتى يصلي؛ فله قيراط، ومن شهد حتى تدفن؛ فله قيراطان، قيل: وما القيراطان؟، قال: مثل الجبلين العظيمين»، وقد ورد في المرفوع أن القيراط مثل أحد، وورد أنه أعظم من أحد، والمراد التمثيل لعظم ثواب الصلاة والتشييع في ميزان العبد يوم القيامة بأمر محسوس، وفضل الله واسع، وعطاؤه لا يقدر قدره المخلوق.

ومما يذكر هنا؛ أن مشهور المذهب عدم التيمم لصلاة الجنازة للحاضر الصحيح فاقد الماء إلا إذا تعينت عليه، قال ابن حبيب: «ولم ير مالك التيمم للجنازة يخاف فواتها في الحضر، إلا في موضع يجوز التيمم فيه للصلاة، وكان ابن شهاب، ويحي بن سعيد، والنخعي، والشعبي؛ يرون إن خاف فواتها أن يتمم لها، وإن كان في الحضر، وبذلك أخذ الليث وابن وهب، قال ابن حبيب والأمر في ذلك واسع».

وإذا علمت أن الانتظار حتى يدفن الميت سبب في حصول هذا الأجر العظيم، فلا ينبغي للمشيع أن يفرط فيه إلا لمانع، لكن إذا تم ذلك فلا وجه للبقاء في المقبرة انتظارا لما يسمى عندنا بالتعزية، فإنها من البدع، كيف وقد أصبح الناس يرونها من جملة أحكام الجنازة التي لا تستقيم ولا تتم بدونها، تلقى فيها الخطب، ويكثر فيها الكلام، ويستمع فيها للمواعظ، وكثيرا ما يتجاوز ذلك إلى ذكر محاسن الميت، والتنويه به، ثم يختم ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>