أنه كان إذا صلى على الجنائز يسلم حتى يسمع من يليه»، ويظهر منه ومما تقدم من قول مالك في المدونة أنه ليس له في صفة التسليم إلا قول واحد، على أن يكون المراد بالإسرار ما في فعل ابن عمر، وقد سبق لك أن رأيت ما في المدونة أنه في الوقت الذي قال فيه مالك عن كل من الإمام والمأموم يسمع نفسه، قال عن المأموم إنه دون الإمام في ذلك، فعقلنا أنه يقصد بإسرار الإمام أن يسمع نفسه ومن يليه، وقد جاء ذلك عن الإمام صريحا في العتبية من رواية ابن القاسم قال:«ويسلم واحدة يسمع نفسه ومن يليه ويسلم من خلفه في أنفسهم، يريد متكلمين»، قال خليل في أركان صلاة الجنازة:«وتسليمة خفيفة، وسمع الإمام من يليه»، على أنه لو كان المراد بالإسرار ذاك الذي ليس معه إلا حركة اللسان؛ فلا يجوز أن تضرب الأمثال للسنة، فيقال: وكيف يعلم الناس انتهاء الصلاة؟، فيقال يعلمون بالتفات إمامهم أو بانصرافه، وأي ضير فيما لو تأخروا حتى ينصرف؟.