• أما الكنيسة؛ فقد روى عبد الرزاق في المصنف (١) عن ابن عباس أنه كان يكره أن يصلى في الكنيسة إذا كان فيها تماثيل».
وفي العتبية عن مالك «إن وجد غير الكنائس فلا أحب أن يصلي فيها»، قال النقاش يلزم من هذا - يعني من النهي عن الصلاة في مسجد الضرار - أن لا يصلى في كنيسة ونحوها لأنها بنيت على شر.
قال القرطبي:«هذا لا يلزم، لأن الكنيسة لم يقصد ببنائها الضرر بالغير، وإن كان أصل بنائها على شر، وإنما اتخذ النصارى الكنيسة واليهود البيعة موضعا يتعبدون فيه بزعمهم كالمسجد لنا فافترقا، وقد أجمع العلماء على أن من صلى في كنيسة أو بيعة على موضع طاهر أن صلاته ماضية جائزة»، انتهى.
ومشهور المذهب كراهة الصلاة في الكنيسة لا فرق بين الدارسة والجديدة، والذي يظهر أن الكراهة في الجديدة لما فيها من الصور والتماثيل، وكونها معبد الكفار، ولأنهم يتخذون قبور أنبيائهم مساجد، وقد أفرد خليل الكنيسة ومعاطن الإبل عن قيد النجاسة في غيرها فقال:«وجازت بمربض بقر، أو غنم، كمقبرة ولو لمشرك، ومزبلة، ومحجة، ومجزرة، إن أمنت من النجس، وإلا فلا إعادة على الأحسن إن لم تتحقق، وكرهت بكنيسة ولم تعد، وبعطن إبل ولو أمن، وفي الإعادة قولان».
• أما الدار المغصوبة؛ فلما في الصلاة فيها من الاعتداء على ملك الغير، والظاهر انفكاك الجهة فتصح مع الإثم، والنهي عن الصلاة على ظهر البيت للتحريم لما فيه من ترك التوجه إليه، ورأى أشهب أن من صلى عليه لا يعيد، وقياس ظهر البيت أنهم لا يجيزون الصلاة تحته، وهو منصوص عليه في حاشية علي الصعيدي العدوي، لكن هذا إذا تحققت التحتية، ولا أحسب أنها تصدق على المصلى الأسفل في الحرم المكي، لكن النزاع قوي في صحة الصلاة به لعدم ارتباط المأموم بالإمام، لا برؤيته، ولا برؤية من يراه، ولا بصوته
(١) رواه عبد الرزاق في المصنف (١٦٠٨) وعلقه البخاري في (باب الصلاة في البيعة).