للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٣٤ - «فإن لم يوجد له مال بقي سهم الشريك رقيقا».

هذا كما قال إلا إذا كان لمعتق بعض العبد من المال ما يعتق به بعض سهم شريكه فإنه والله أعلم يعمل عليه، ويظل الباقي منه رقيقا، لأن فيه تقليل السهم المملوك من العبد وتيسير كتابته لمالكه، أو استسعائه الذي سيأتي ذكره، وقد استدلوا على بقاء بعض المملوك رقيقا بما في آخر حديث ابن عمر المتقدم من قوله : «من أعتق شركا له في عبد وكان له مال يبلغ ثمن العبد قوم العبد عليه قيمة عدل، فأعطى شركاءه حصصهم، وعَتَق عليه العبد، وإلا فقد عَتَق منه ما عَتَق»، وقيل عن الجملة الأخيرة إنها مدرجة في الحديث، وهي مع ذلك معارضة بما في حديث أبي هريرة من ذكر الاستسعاء، وهو قول رسول الله : «من أعتق نصيبا أو شقيصا في مملوك فخلاصه عليه في ماله إن كان له مال، وإلا قوم عليه فاستسعي به غير مشقوق عليه»، رواه الشيخان وأصحاب السنن، وقيل عن فقرة الاستسعاء هذه ما قيل عن فقرة «وإلا فقد عَتَق منه ما عَتَق»، قال الحافظ في الفتح (٥/ ١٩٦): «والذي يظهر أن الحديثين صحيحان مرفوعان وفاقا لعمل صاحبي الصحيح»، انتهى، وقوله استسعي به قال ابن الأثير: «استسعاء العبد إذا عتق بعضه ورق بعضه أن يسعى في فكاك ما بقي من رقه، فيعمل ويكسب ويصرف ثمنه إلى مولاه، فسمي تصرفه في كسبه سعاية»، انتهى، ومعنى هذا أن الشرع أوجب على معتق شقص العبد استكمال تحريره إن كان له مال، وإلا تعين على العبد تخليص الشقص الذي ظل مملوكا منه، وهو القياس لو لم يكن نص بتساقط الزيادتين في حديثي ابن عمر وأبي هريرة ، ونظير ذلك الأسير يفك نفسه أو يفكه غيره، ولم يقل أهل المذهب بالاستسعاء لما علمت من الاختلاف في جملته، ورأيي أن القياس قاض بحمل ذلك على الكتابة، بل الاستسعاء أولى لأن في تركه ما يشبه رجوع المكاتب بكسر التاء عن الكتابة من غير داع، وذلك لا يجوز، ووجه الشبه أن بعض المملوك قد تحرر، وذهب ابن العربي في المسالك (٦/ ٥٠٤) إلى أن الكتابة

<<  <  ج: ص:  >  >>