٢١ - «والبقر تذبح؛ فإن نحرت أكلت، والإبل تنحر، فإن ذبحت لم تؤكل، وقد اختلف في أكلها، والغنم تذبح، فإن نحرت لم تؤكل، وقد اختلف أيضا في ذلك».
لا خلاف أن الثابت من فعل النبي ﷺ هو ذبح الغنم ونحر الإبل، أما ذكاة البقر فجاء عنها في السنة النحر، وجاء في القرآن الذبح، قال الله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً﴾ [البقرة: ٦٧]، وقال تعالى: ﴿فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ﴾ [البقرة: ٧١]، وهذا في غير حال الضرورة، أما معها فيجوز أن تزهق روح الحيوان بغير ما ذكر، وإنما اختير الذبح للغنم؛ لأنه أحسن في قتلها لقصر رقبتها، وسرعة اندفاع الدم منها، كما أن اختيار النحر للإبل إنما هو لعكس ما تقدم، وهو طول رقبتها، فيمتد أمد موتها لو ذبحت، ولغلظ جلدها، بخلاف نحرها، فإنه يكون في لبتها، وهو محل تصل منه الآلة إلى القلب فتموت بسرعة، أما البقر فهي وسط بينهما، إذ أن لها موضع النحر، وموضع الذبح، وهذا كله داخل في إحسان الذبح المأمور به، ولذلك كان مشهور المذهب ما ذكره المؤلف من أن الغنم وما في معناها كالظباء والطيور تذبح أي وجوبا، فإن نحرت لم تؤكل، والإبل وما في معناها كالزرافة والفيل تنحر وجوبا، فإن ذبحت لم تؤكل، والبقر تذبح ندبا، فإن نحرت أكلت، وهو قول مالك في المدونة قال:«لا ينحر ما يذبح، ولا يذبح ما ينحر»، قال:«فقلت: فالبقر نحرت، أترى أن تؤكل؟، قال: «نعم، وهي خلاف الإبل إذا ذبحت».
وقال ابن بكير يجزئ الذبح عما ينحر لأن فيه زيادة، ولا يجزئ النحر عما يذبح لأن فيه نقصا، وهو في شرح زروق، لكن القول بتحريم الغنم إن هي نحرت، والإبل إن هي ذبحت؛ فيه شيء فأين الدليل عليه؟، نعم إن الأمر عند المسلمين قد جرى على ذلك فلا يخالف، لكن لا يلزم من مخالفته التحريم حيث لا إجماع، لا سيما وأن كلا منهما قد