الأول: اللزوم، فإن عقد الإجارة لازم للطرفين، بخلاف الجعالة فإن اللزوم يتجه للجاعل وحده، أما العامل فإنه يجوز له أن يتخلى عن العمل، أما قبل الشروع فلا لزوم لواحد منهما، ومن المصلحة في عدم لزوم العقد للعامل أن يكتشف ما لم يكن قد تبين له، فيتراجع عن العقد لتكون خسارته أقل مما لو مضى فيه.
والثاني: ضرب الأجل فهو شرط في الإجارة لكنه مناف للجعالة لأن طبيعتها تتعارض مع ضربه، فإذا ضرب بطلت، لما في ذلك من زيادة الغرر، إذ قد ينقضي الأجل، ولا يتم العمل، فيذهب باطلا، وقد ينتهي العمل قبل انقضاء الأجل فيأخذ ما لا يستحق.
والثالث: أن تقديم الأجر في الجعالة محظور إن كان بشرط، بخلاف الإجارة، لأنه لا يدرى أيتم العمل أم لا، وفي الحالة الثانية يصير قرضا، فتقديمه يجعله مترددا بين السلف والجعل، ويفتح الباب لقصد الاقتراض بالدخول في عقد الجعالة غير اللازم ثم يفسخه.
والرابع: أنه لا شيء للعامل إلا إذا أتم العمل، فإن أتمه ولم يكن قد سمي الأجر فله جعل مثله، بخلاف الأجير، لكن بعضهم قال إن ذلك فيما لم ينتفع به المجاعل، كأن يتفقا على استخراج الماء بحفر بئر في أرض موات، ثم تفسخ الجعالة قبل الاستخراج، بخلاف ما إذا كان ذلك في أرضه، فإن النفع قد حصل له، وكما إذا اتفقا على البحث عن عبد آبق، فبحث العامل عنه في ناحية ثم ترك، فقد علم أن العبد ليس فيها، قال كاتبه: وينقض هذا التوجيه أن العبد يمكنه أن يهرب إلى الناحية التي تم البحث فيها فينجو، ويرد الذي قبله أن الحفر ليس دائما يمكن الاستمرار فيه والانتفاع بما حصل منه قبل الفسخ، لأن الغرض استخراج الماء، ومن ذلك ما إذا جاعله على حمل متاع فحمل بعض المسافة ثم ترك، وأتم الجاعل باقيها بعامل آخر، فإن للأول نسبة ما عمله، وأبى بعضهم هذا التفصيل فلم يجعل للعامل شيئا إلا إذا أتم العمل، كما هو ظاهر كلام المؤلف وما في مختصر خليل، وهو الصواب إن شاء الله.
والخامس: أنه لا يشترط في الجعالة حضور المتعاقدين وتراضيهما معا كما في سائر العقود، بل من قال من أتاني بكذا فله كذا فجاءه به شخص فله ما سمى، وفي هذا نظر لأن الأصل اتفاق العاقدين فيكون مجرد وعد لا يلزم الوفاء به.