١٩ - «فإن أعتقه أو كاتبه ولم يستثن ماله فليس له أن ينتزعه».
وهذا لأن المعتق خرج من ملك سيده، فساوى غيره من الناس في حرمة ماله، ولأن ماله يتبعه بخلاف حال البيع فلا يتبع العبدَ مالُه إلا باشتراط من اشتراه كما تقدم، وقد دل على هذا حديث ابن عمر ﵄ قال، قال رسول الله ﷺ:«من أعتق عبدا وله مال فمال العبد له إلا أن يشترطه السيد»، رواه أبو داود (٣٩٦٢) وابن ماجة، وروى مالك في الموطإ (١٤٦١) وابن أبي شيبة عن ابن شهاب الزهري قال: «مضت السنة أن العبد إذا أعتق تبعه ماله»، وهو موقوف، وفيه دلالة على شيوع هذا الأمر في عهده، وقد نزع مالك في الاستدلال على أن السيد لا يجوز له أن يشترط على العبد خدمته بعد عتقه بالمفهوم الأولوي المأخوذ من قول النبي ﷺ:«من أعتق شركا له في عبد فكان له مال يبلغ ثمن العبد قُوِّمَ عليه قيمة العدل، فأعطى شركاءه حصصهم وعتق عليه العبد، وإلا فقد عتق منه ما عتق»، رواه في الموطإ (١٤٥٨) عن ابن عمر، وهو في الصحيحين والسنن الأربعة، وقد وجه استدلاله على ذلك بقوله:«فهو إذا كان له العبد خالصا أحق باستكمال عتاقته، ولا يخلطها بشيء من الرق»، انتهى.
أما منع انتزاع مال المكاتب فلأن عقد الكتابة يتناقض مع تجريده من ماله أو من بعضه، كيف وهو مطالب بإعطائه من ماله كما تقدم، ولو ساغ له ذلك لترتب عليه عدم وفاء المكاتب بنجوم الكتابة لأنه كلما امتلك مالا انتزعه منه فيعود ذلك على عقد الكتابة بالإبطال، ويدخل في قوله ﷺ في حديث ابن عمر:«من أعتق عبدا وله مال،،،» أم الولد متى تحررت بموت مالكها، والمدبر، والموصى بتحريره، فهؤلاء لا تنتزع منهم أموالهم متى حضر وقت تحريرهم، والله أعلم.