إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ [النساء: ٢٩]، فضحك ولم يقل شيئا»، رواه أبو داود (٣٣٤) وعلقه البخاري، قال الحافظ في الفتح إسناده قوي، وفي رواية أنه توضأ، فيظهر أنه جمع بين الوضوء والتيمم.
ومن المناسب الإشارة إلى أن أهل العلم اختلفوا هل التيمم رخصة، أو عزيمة، والظاهر أنه عزيمة لأنه بدل عن الماء بالشروط المعتبرة، وقيل هو عزيمة لفاقد الماء رخصة للمريض، ولا مانع أن يكون رخصة في بعض الأحوال التي يطالب فيها المكلف على وجه الاستحباب بتأخير الصلاة إذا كان يرجو أن يزول عذره بوجود الماء أو بزوال المانع عموما، وقد استصحبوا الإجماع في محل النزاع، فقالوا بصحة صلاة من دخل فيها فاقد الماء، ثم وجده وهذا هو الحق.
قال مالك في الموطإ (١١٨): «من قام إلى الصلاة فلم يجد ماء، فعمل بما أمره الله به من التيمم؛ فقد أطاع الله، وليس واجد الماء بأطهر منه، ولا أتم صلاة، لأنهما أمرا جميعا، فكل عمل بما أمره الله به، وإنما العمل بما أمر الله به من الوضوء لمن وجد الماء، والتيمم لمن لم يجد الماء قبل أن يدخل في الصلاة»، انتهى.
واعلم أن ربنا ﵎ اشترط لمشروعية التيمم عدم وجود الماء لأنه قال: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً﴾، وظاهر ذلك أن المصلي مطالب بالبحث عن الماء لكل صلاة، فإن لم يجده تيمم، وقد رتب على ذلك أهل المذهب وغيرهم أن التيمم لا يصح إلا بعد دخول الوقت، وحيث إنه يجب عليه أن يطلب الماء لكل صلاة، لم يجز له أن يصلي بالتيمم أكثر من فرض، واختلف في الصلوات الفائتة كما سيأتي، والظاهر أن من لم يكن الماء في محيطه القريب الذي لا يشق عليه الوصول إليه، وهو عالم بعدم وجوده أنه غير مطالب بالعودة للبحث عنه، فيكون غير واجد للماء؛ فيتيمم ويصلي.
وقد ذكر المؤلف أن التيمم يجب إذا يئس من وجود الماء، أو كان واجدا له ومنعه من الوصول إليه أو من استعماله مانع كالمريض لا يجد من يناوله إياه، والصحيح يمنعه من الوصول إليه لصوص أو سباع أو مانع آخر، فمن يئس من هؤلاء أن يجد الماء في