٣٤ - «وتلبس المرأة الخفين والثياب في إحرامها، وتجتنب ما سوى ذلك مما يجتنبه الرجل».
تختلف المرأة عن الرجل في بعض محرمات الإحرام، ويتساويان في بعضها، والحكمة في ذلك؛ أنها مطلوب منها التستر والصيانة، لذلك أبقى الشرع على لباسها المعتاد، حتى تستر جميع جسدها، فيجوز لها لبس الخفين، وثيابها المخيطة، وإنما منعها من الانتقاب ولبس القفاز على ما سيأتي؛ لأن كفيها ووجهها ليسا بعورة، وفي ذلك نزاع.
كما منعها ما يمنع على الرجل من الطيب والصيد والرفث وإلقاء التفث وقتل الدواب لأصل المساواة، ولأنه لا حاجة إلى استثنائها هنا، وقد جاء الدليل على مخالفة الرجال النساءَ فيما رواه أبو داود (١٨٢٧) عن ابن عمر أنه سمع رسول الله ﷺ ينهى النساء في إحرامهن عن القفازين والنقاب، وما مس الورس والزعفران من الثياب، ولتلبس بعد ذلك ما أحبت من ألوان الثياب معصفرا، أو خزا، أو حليا، أو سراويل، أو قميصا، أو خفا»، وفيه محمد بن إسحاق لكنه صرح بالتحديث، وبعض ألفاظه لا يشبه كلام النبي ﷺ.
واعلم أن الحديث قد دل على جواز لبس المرأة السراويل وغيرها من الثياب التي ذكرت معه، وذلك لأنها غير مطالبة بالتجرد كالرجل، ولا يعني ذلك قطعا لبسها السروال وحده، فهذا لا أحسب مسلما يقول به، لكن صاحب كتاب فقه العبادات وأدلته على مذهب السادة المالكية!! (ص ٤٥٧) استدل بهذا على جواز لبس المرأة السراويل الساتر لزينتها!! في الحج وفي غيره، وعدم وجوب لبس الجلباب الوارد في الآية: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ﴾ [الأحزاب: ٥٩]، وهذا من الباطل الذي لا يرتاب فيه، ولو كان الأمر كذلك؛ فلم لم ينزل دركة أخرى فيقول يجوز لها لبس الحلي والاكتفاء به عن غيره من اللباس، وهكذا يقال في القميص والخف، وكل ما جوزه