٣٠ - «والقيام فيه؛ في مساجد الجماعات بإمام، ومن شاء قام في بيته، وهو أحسن لمن قويت نيته وحده».
لعل المؤلف إنما نص على أن صلاة التراويح تؤدى في المساجد، لأن الروافض يزعمون أنها بدعة، ويفترون على الله الكذب بأن عمر ﵁ هو الذي ابتدعها وأفكوا، وقد كان المؤلف بالقيروان حيث دولة بني عبيد الشيعية التي عاصرها، والتراويح؛ جمع ترويحة، هي المرة الواحدة من الراحة، كالتسليمة المرة من السلام، والمراد بها الصلاة التي تفعل في ليالي رمضان بخاصة، سميت كذلك لأنهم كانوا يستريحون بعد كل تسليمتين منها، وربما صلى بعضهم أثناء ذلك لنفسه، والظاهر تركه، وقد شدد في كراهتها أحمد، وإنما تشرع صلاة التراويح في ليالي رمضان، أي ابتداء من الليلة التي تسبق اليوم الأول منه، ولا تصلى في الليلة التي يليها يوم الفطر، وقد رأينا بعض الأئمة يصلونها قبل أن يعلموا ثبوت الصيام، كما يصلونها قبل أن يعلموا نهاية رمضان من عدمها، وهذا خلاف الصواب، وقد شرعت فيها الجماعة بفعل النبي ﷺ، ثم تركها خشية أن تفرض، وكان الناس بعد ذلك يصلون فرادى، ويصلي الواحد معه النفر، ثم صلاها الصحابة في خلافة عمر سنة اثنتي عشرة من الهجرة، حيث جمعهم على قارئ واحد هو أبي بن كعب أَقْرَأُ أصحاب رسول الله ﷺ، واتفقوا عليها، فمن صلاها في المسجد؛ فقد أحسن، لكن الأصل في النوافل أن تؤدى في البيوت لحديث زيد ابن ثابت أنه قال: «احتجر رسول الله ﷺ في المسجد حجرة فكان رسول الله ﷺ يخرج من الليل فيصلي فيها، قال: فصلوا معه - يعني رجالا - وكانوا يأتونه كل ليلة، حتى إذا كان ليلة من الليالي لم يخرج إليهم رسول الله ﷺ، فتنحنحوا ورفعوا أصواتهم، وحصبوا بابه، قال: فخرج إليهم رسول الله ﷺ مغضبا فقال: «يا أيها الناس، ما زال بكم صنيعكم حتى ظننت أن ستكتب عليكم، فعليكم بالصلاة في