أمور لا تصح إلا من المكلف لا من الصغير الذي لم يبلغ التكليف، وهذا يكفي في الاستدلال لاشتراط التكليف من فاعلها،،،»، انتهى، قال كاتبه: الصغير المميز يفقه معنى القربة، فإذا أوصى بشيء من ماله في وجه من وجوه البر فأين المانع من إنفاذه؟، ووليه مطالب بأمره بالصلاة وهو ابن سبع، وضربه عليها وهو ابن عشر، مع صحة حجه، ونيابة وليه في إخراج الزكاة عنه، ولا يلزم من رد بعض ما ذكره العلامة الشوكاني من أنواع الوصية رد الوصية بالمال، أما ما ذكره في بقية كلامه من كون أثر عمر وغيره اجتهادا يخالف ما جرت عليه قواعد هذه الشريعة فليس بِمُسَلَّمٍ في خصوص الوصية بالتصدق، وعمر من الخلفاء الذين أمرنا باتباعهم ولأبي بكر وعمر مزية على باقيهم ﵃ جميعاً، والله أعلم.
الموصى له، وينبغي أن يكون ممن يتصور منه التملك فتصح للحمل الثابت والمتوقع، وللكافر الذمي لقول رسول الله ﷺ:«في كل ذي كبد رطبة أجر»، رواه أحمد والشيخان وغيرهم عن أبي هريرة، وقال:«في كل ذات كبد حرى أجر»، رواه أحمد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، ورواه أيضا عن سراقة بن جعشم نحوه، وعزاه في صحيح الجامع لسراقة بن مالك، والحرى العطشى مؤنث الحران، أي من شأنها أن تعطش، قال ابن حزم:«ولا نعلم في هذا خلافا»، واستثنوا من قاعدة تصور التملك أن يوصي للمسجد والقنطرة ونحوهما، فإنها تصح وتصرف في مصالح المسجد كالترميم والتوسعة والفرش وأجرة المؤذن والإمام، وأمّا الكفار عليهم لعائن الله فإنهم يوصون للكلاب، واستثنوا من ذلك أيضا الوصية للميت الذي علم الموصي بموته، فتصح وتصرف في رد دينه إن كان وإلا صرفت لورثته، ولا بد في إمضاء الوصية للمعين من قبوله لها بعد موت الموصي، ولا ينفعه قبولها في حياته لأن له أن يرجع فيها كما سيأتي.
وينبغي أن يراعي الموصي الأولوية في الجهة التي يوصي لها، وذلك يختلف باختلاف الأحوال والأزمنة، قال الشوكاني في السيل الجرار (٤/ ٤٨٣): «أفضل أنواع البر في سني الشدة وأيام المجاعة هو الصدقة، وأفضل أنواع البر في أيام المثاغرة للكفار ومدافعتهم عن بلاد الإسلام هو الجهاد، وأفضل أنواع البر في غير هاتين الحالتين هو الصرف في العلماء والمتعلمين وتحشيدهم، لنشر العلم والاستكثار من التدريس وتخريج