١٥ - «ومن قال: علي عهد الله وميثاقه في يمين فحنث؛ فعليه كفارتان».
من قال علي عهدٌ لأفعلن كذا لا يعتبر قوله يمينا، وهذا هو محترز الإضافة في كلامه، أما من قال علي عهد الله وميثاقه وأمانته وعزته فإن هذا من جملة ما تنعقد به اليمين في المذهب، لأن العهد الإلزام بالتكاليف، والأمانة التكليف من إيجاب وتحريم، والتكليف راجع إلى خطابه سبحانه، والعزة هي المنعة فالجميع صفات، قالوا فإن أريد المعنى المخلوق فلا تنعقد اليمين به، لكن لم يتبين لي وجه تعدد الكفارة على من جمع بين العهد والميثاق في حلف واحد، لأنه لا يخرجه ذلك عن كونه كرر الحلف، كأن يقول والله، والله، والله، أو يقول والله، والذي لا إله إلا هو، فمن أين أتى لزوم الكفارتين إذا حنث في هذا ونحوه مع أن الحلف به فيه خلاف؟، وقد علل بعضهم تعدد الكفارة بقوله «لأن العهد يمين، والميثاق يمين، فإذا جمعهما فقد حلف يمينين»، وقد يكون المراد أنه مع اختلاف اللفظ والقصد يلزم تعدد الكفارة كما ذهب إليه القاضي عبد الوهاب في كتابه المعونة بقوله:«فإن أراد التكرار أو التأكيد فكفارة واحدة، وإن أراد الاستئناف فلكل واحد كفارة»، وانظر المدونة (٢/ ٣٠) باب الرجل يحلف بعهد الله وميثاقه، وعلى كل فإن ما ذكره المصنف خلاف المشهور، وهو عدم تعدد الكفارة بتعدد المحلوف به من أسماء الله وصفاته من غير فرق بين أن يقصد التوكيد أو الإنشاء، أو لا قصد له إلا أن ينوي تعدد الكفارة.
وبعد هذا فاعلم أنه قد جاء النهي عن الحلف بالأمانة فيما رواه أبو داود عن بريدة مرفوعا:«من حلف بالأمانة فليس منا»، ووجه ذلك أن المسلم منهي عن الحلف بغير الله والأمانة ليست من أسمائه لأنها التكاليف كالصلاة والصوم والحج، والمعنى الذي قيد به أهل المذهب الحلف بهذه الألفاظ قد يخرج الحلف بالأمانة عن المنع لمن استحضر ذلك، بيد أنه عسير، فاجتناب الحلف بها هو الصواب، والله أعلم.