للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصلاة، ثم إن مشهور المذهب على أن جملة (قد قامت الصلاة)، تقال مرة واحدة، ودليلها حديث أنس المتقدم من غير استثناء، وقد استدل القاضي عبد الوهاب على إفراد الإقامة بأن رسول الله أمر بلالا بالإقامة واحدة، فلعله ذكر حديث أنس بالمعنى، وقد تقدم، لكن المستغرب أن يستدل على إفراد لفظ قد قامت الصلاة بقوله: «وهو لفظ بختص بالإقامة، فوجب أن يكون على أصلها في الإيتار، كما أن لفظ الصلاة خير من النوم، لما كان لفظا يختص بالأذان؛ كان على أصل الأذان في الإشفاع».

وذكر الباجي في المنتقى (١/ ١٣٥) رواية المصريين عن مالك في مختصر ابن شعبان أن لفظ قد قامت الصلاة يقال مرتين، وهذا هو الصواب، وقد عرفت الدليل، فعض عليه بالنواجذ.

واعلم أن مشهور المذهب حكاية الأذان من سامعه لمنتهى الشهادتين كما قال خليل ذاكرا المندوبات: «وحكايته لسامعه لمنتهى الشهادتين»، والعمدة في ذلك ما رواه مالك وغيره في الموطإ (١٤٥) عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله قال: «إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن»، وقد نقل عن مالك قوله: «إنما يقول مثل قول المؤذن لآخر التشهد فيما يقع في قلبي، ولو فعل ذلك رجل لم أر به بأسا»، قال الباجي في المنتقى (١/ ١٣١) بعد إثبات الرواية بنحو ما تقدم: «يريد مالك أن تخصيصه اللفظ العام إنما هو من جهة النظر، لا من جهة نص عنده،،،،»، ولهذا والله أعلم يمكن القول إن مذهب مالك الذي استقر عليه ما في رواية ابن نافع وعلي عنه: «لا بأس أن يقول كقول المؤذن من في النافلة ويدعو بما أحب»، وهو رواية ابن شعبان عنه، واختاره المازري كما في مواهب الجليل، ومعناه أنه يحكي كل الأذان بلفظه، ويأتي بالدعاء عقبه، وقد صح ما يدل على استبدال الحوقلة بالحيعلة، وقد جاءت حكاية الأذان من فعله رواه احمد وغيره عن أبي رافع وفيه إستبدال الحوقلة بالحيعلتين.

قال ابن حبيب: قال مالك: «التطريب في الأذان منكر».

وقال ابن حبيب أيضا: «وكذلك التحزين لغير تطريب، ولا ينبغي إماتة حروفه، والتغني فيه، والسنة فيه أن يكون مرسلا، محدرا، مستعلنا، يرفع به الصوت، ولا يدمج،

<<  <  ج: ص:  >  >>