٤٩ - «ولا تحمل العاقلة قتل عمد ولا اعترافا به، وتحمل من جراح الخطإ ما كان قدر الثلث فأكثر، وما كان دون الثلث ففي مال الجاني».
قال ابن الأثير:«العقل هو الدية، وأصله أن القاتل كان إذا قتل قتيلا جمع الدية من الإبل فعقلها بفناء أولياء المقتول، أي شدها في عُقُلها ليسلمها إليهم، ويقبضوها منه، فسميت الدية عقلا بالمصدر، قال: والعاقلة هي العصبة والأقارب من قِبَلِ الأب الذين يعطون دية قتيل الخطإ وهي صفة جماعة عاقلة، وأصلها اسم: فاعلة من العقل، وهي من الصفات الغالبة»، انتهى.
لما أنهى المؤلف الكلام على دية النفس والأعضاء والجراح بين هنا من عليه دفع الدية، ولما كانت الدية إنما شرعت في القرآن مقرونة بقتل الخطإ، وجاءت الأحاديث مبينة أنها على العاقلة أخذ بهذا القيد جمهور الفقهاء - واعتبروا جراحات الخطأ مثل القتل الخطإ.
وقد بين هنا ما لا تتحمله العاقلة بل يكون في مال الجاني، فإن لم يكن له مال كان دَيْنًا عليه، وهو أشياء ثلاثة: أولها دية قتل العمد كيفما كان طريق ثبوته، ووجهه أن الدية إنما شرعت أصلا في الخطإ، ووجه عدم تحملها في حالة الاعتراف زيادة على ما سبق احتمال تواطؤ المعترف مع أولياء المقتول لتحصل لهم الدية، ولم يفرقوا بين العدل الثقة الذي لا يتهم وبين غيره، وقد روى مالك في الموطإ (١٥٧٧) عن ابن شهاب أنه قال: «مضت السنة أن العاقلة لا تحمل شيئا من دية العمد إلا أن يشاؤوا ذلك»، انتهى، وهذا ليس من المرفوع، ولا هو في حكمه، وروى عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يقول:«ليس على العاقلة عقل في قتل العمد، إنما عليهم قتل الخطإ»، انتهى، وروى عن يحي بن سعيد وابن شهاب مثله وزادا: إلا أن تعينه العاقلة عن طيب نفس منها»، انتهى، وعن ابن