٢٦ - «وينبغي للصائم أن يحفظ لسانه وجوارحه، ويعظم من شهر رمضان ما عظم الله سبحانه».
المراد بحفظ الجوارح؛ أن لا يستعملها إلا في المشروع من المباحات، والواجبات، والمندوبات، ويبتعد بها عن المكروهات، والمحرمات، وخص اللسان بالذكر لأن خطره أعظم، والشر الذي يلحق الإنسانَ منه أكبر، ولأن الذي ينبغي فيه؛ أن يصونه عما لا ينفع ولا يعني.
لكن هذا الأمر لا يختص برمضان، وإنما خصه بذلك لما له من مزيد الحرمة على غيره، والذنب يعظم بحسب الزمان والمكان والأشخاص، وتعظيم شعائر الله من تقوى القلوب، والأصل في اختصاص الصوم بمزيد العناية قول النبي ﷺ:«قال الله ﷿: كل عمل ابن آدم له، إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم؛ فلا يرفث يومئذ، ولا يسخب، فإن سابه أحد أو قاتله؛ فليقل: إني امرؤ صائم، والذي نفس محمد بيده؛ لخُلوف فم الصائم أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك، وللصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه؛ فرح بصومه»، وهو في صحيح مسلم (١١٥١) عن أبي هريرة، وبعضه في الموطإ (٦٨٨)، قوله يرفث بضم الفاء وكسرها وماضيه مثلث الفاء؛ من الرفث، وله معان، وهو هنا الكلام الفاحش، وقوله لا يسخب من السخب، وهو بالصاد أيضا الضجة واضطراب الأصوت للخصام، وقيل هو الجهل والسفه، وقوله «فليقل إني امرؤ صائم»، المراد أن يتذكر الصائم ما هو فيه، حتى يصرف نفسه عما تريده من الانتقام، ويخبر غيره بتعاليه عن سفاسف الأمور، ولأنه تارك للمباحات، أفلا يتعين عليه أن يترك المحرمات والمكروهات؟.
ومن الحكمة في تخصيص الشارع رمضان بهذا ونحوه مما هو منهي عنه في غيره؛