٤ - «وقد مثلت لك من ذلك ما ينتفعون إن شاء الله بحفظه، ويشرفون بعلمه، ويسعدون باعتقاده، والعمل به، وقد جاء أن يؤمروا بالصلاة لسبع سنين، ويضربوا عليها لعشر، ويفرق بينهم في المضاجع، فكذلك ينبغي أن يعلموا ما فرض الله على العباد من قول وعمل قبل بلوغهم، ليأتي عليهم البلوغ وقد تمكن ذلك من قلوبهم، وسكنت إليه أنفسهم، وأنست بما يعملون من ذلك جوارحهم، وقد فرض الله سبحانه على القلب عملا من الاعتقادات وعلى الجوارح الظاهرة عملا من الطاعات».
ذكر هنا أنه جمع في تأليفه ما يحتاجه الولدان اعتقادا وعلما وعملا وحفظا، وما أحسن ما صنع، حيث فرق بين هذه الأمور، وأسند لكل منها ما يناسبه، فإن المرء إنما ينتفع الانتفاع الكامل بالعلم إذا حفظ، كما قال في الرحبية «فاحفظ فكل حافظ إمام»، والعلم إنما يراد للعمل وذلك من جملة الانتفاع به بل هو أصله، ولذلك تعوذ النبي ﷺ في جملة ما تعوذ منه من علم لا ينفع.
وإنما يحصل له الشرف والرفعة في الدنيا بالعلم، كما قال الله تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١١)﴾
[المجادلة: ١١].
كما أن الإنسان إنما يسعد في الآخرة بالاعتقاد الصحيح المصحوب بالعمل، إذ السعادة الأبدية للموحدين.
وبين أن تعليمهم هذه الأمور قبل سن التكليف مرغوب فيه، كي يعتادوها فلا يأتي عليهم البلوغ إلا وقد سكنت إليها نفوسهم، وارتاضت عليها جوارحهم، وذلك مقيس على