روى مالك في الموطإ (١٣٦٦) عن عبد الله بن عمر أنه سئل عن الرجل يكون له الدين على الرجل إلى أجل، فيضع عنه صاحب الحق، ويعجله الآخر: فكره ذلك عبد الله بن عمر، ونهى عنه»، انتهى.
والوضيعة من الدين هي النقص منه، ويسميها بعضهم الحطيطة، والمعنى أن تقديم الدين قبل أجله على أن يحط منه شيء للمدين لا يجوز، سواء كان الدين من بيع أو من قرض، ويسمى عند الفقهاء ضع وتعجل، أي ضع من حقك، على أن أعجل لك ما في ذمتي، وفيه نقص الأجل في مقابل نقص الدين، فهو عكس الزيادة في الأجل نظير الزيادة في الدين، وقد سوى بينهما مالك في الموطإ فهو «عند مالك وأكثر أهل العلم ربا»، قاله في الكافي، وإنما مُنع لأنه يدخله علل عدة تجتمع وتنفرد منها سلف جر منفعة، لأن الذي عجل شيئا قبل وجوبه يعد مسلفا لمقرضه، وقد قابل السلف ما وضعه عنه الدائن من الدين، وقد يدخله التفاضل بين الذهبين أو الفضتين، فمن له على غيره عشرة آلاف دينار إلى أجل فعجل له تسعة آلاف نظير أن يحط عنه ألفا، فكأنما باع عشرة آلاف دينار بتسعة آلاف دينار، وقد يدخله بيع الطعام قبل قبضه، كما لو كان له على أحد قنطارا قمح إلى أجل فحط عنه قنطارا على أن يعجل له الآخر فكأنما باع قنطارا بقنطارين، فإن وقع هذا رد إليه ما أخذه، ويستحق جميع دينه عند حلول الأجل، وإن لم يعلم بذلك حتى انقضى أجل الدين فإن المدين يرد ما أخذه نظير تعجيل باقي الدين، والله أعلم.