للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٢٦ - «وإنما تغلظ الدية في الأب يرمي ابنه بحديدة فيقتله فلا يقتل به ويكون عليه ثلاثون جذعة وثلاثون حقة وأربعون خَلِفَة في بطونها أولادها».

الوالد لا يُقْتَلُ بِقَتْلِ ولده إذا رماه بخشبة أو حديدة أو حجر غير قاصد قتله لقول رسول الله : «لا يقاد الوالد بالولد»، رواه أحمد والترمذي وابن ماجة عن عمر بن الخطاب، ورواه نحوه أبو داود عن عمر وابن عباس، قالوا إلا أن تقوم قرينة على إرادته قتله فيقتل به كأن يصجعه ويذبحه على المشهور، وقال أشهب لا يقتل به ولو قام الدليل على إرادته قتله، ولعله للإطلاق الذي في الحديث السابق، قالوا لأن الوالد سبَبٌ لوجود الولد فلا يكون الولد سببا لإعدامه، وهذا ليس بشيء، والمعتمد الحديث، ولا خصوصية للوالد المباشر بل الجد وإن علا والأم وإن علت مثله في الحكم، فإن الجد أب بنص القرآن، بل وكذلك الأب الكافر يقتل ابنه الكافر فإنهم إذا تحاكموا إلينا لم يقد به.

فأما ما ذكره من تغليظ الدية فقد رواه أبو داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا: «الدية ثلاثون حقة، وثلاثون جذعة، وأربعون خَلِفَة في بطونها أولادها»، والخلفة بفتح الخاء وكسر اللام معناها الحامل، لكن الحديث كما ترى في مطلق الدية، فجعل أهل المذهب التغليظ نوعين أخفهما في قتل العمد متى كان العفو وقَبِلَ الجاني دفع الدية، أو امتنع القصاص لفقد التكافؤ، وأثقلهما في قتل الوالد ولده لأنه لا قود عليه، وهو متجه قوي، ويؤيده ما قضى به عمر بن الخطاب كما رواه مالك (١٥٨٠) عن يحي بن سعيد عن عمرو بن شعيب أن رجلا من بني مدلج يقال له قتادة حذف ابنه بالسيف فأصاب ساقه فنُزِيَ في جرحه فمات فقدم سراقة بن جعشم على عمر بن الخطاب فذكر ذلك له فقال عمر: «اعدد لي على ماء قديد عشرين ومائة بعير حتى أقدم عليك، فلما قدم إليه عمر بن الخطاب أخذ من تلك الإبل ثلاثين حقة، وثلاثين جذعة، وأربعين خَلِفَةً، ثم قال: أين

<<  <  ج: ص:  >  >>