الفطر اسم مصدر، والمصدر الإفطار، والسحور بضم السين؛ هو الفعل أي التسحر، وبفتح السين هو ما يؤكل وقت السحر، والسحر بفتح الحاء آخر الليل، والمعنى أن الواجب هو صوم النهار، فإذا انقضى؛ فقد أفطر الصائم حكما، فعليه أن يبادر بالفطر فعلا، وهذه المبادرة لا تكون إلا بعد أن يتيقن دخول الليل، لقول النبي ﷺ:«إذا أقبل الليل من هاهنا، وأدبر النهار من هاهنا، وغربت الشمس فقد أفطر الصائم»، رواه الشيخان عن عمر بن الخطاب، (خ/ ١٩٥٤)، ومعنى «أفطر الصائم»؛ دخل في وقت الإفطار، وقيل معناه هو مفطر حكما، والأول أولى، بدلالة إذن النبي ﷺ في المواصلة إلى السحر كما في حديث أبي سعيد عند البخاري:«لا تواصلوا فأيكم أراد أن يواصل؛ فليواصل إلى السحر»، ولم يكتف النبي ﷺ بذكر غروب الشمس، بل ذكر قبلها أمرين، فينبغي البحث عن مغزى ذلك، كيف وهو الذي أوتي جوامع الكلم؟، والسبب أن إقبال الليل يكون من جهة المشرق، بازرقاق جزء السماء الملاصق للأفق، لأن الشمس تكون حينئذ قد نزلت عنه في المغرب، وإدبار النهار يكون من جهة المغرب، فإذا غابت الشمس فيما يرى الناظر، غير أنها لما تزل في مرتفع إلى الشرق منه؛ فإن الليل لم يقبل، وإذا حجب الشمس سحاب، فظهرت الظلمة في المغرب والمشرق، فليس ذلك بوقت إفطار الصائم، وقد روى نافع عن مالك أن المرء لا يأكل عند أذان المؤذنين للفجر، وإن رأى هو الفجر لم يطلع، ولا يفطر حتى يؤذنوا، وإن رأى هو الشمس قد غربت، لأنهم موكلون بذلك ورعاته»، نقله ابن العربي في المسالك باب ما جاء في الفطر من الموطإ، وهذا ينطبق علينا في المدن، ولمالك قول لا يخالف هذا، لأنه فيمن يعرف الفجر، وكان في موضع ينظر إليه، وهو صالح لأهل البوادي ممن يعرفون ذلك، وقال الشيخ علي الصعيدي: «تحقق دخول الليل يكون بتحقق غروب جميع قرص