١١ - «والغسل لها واجب، والتهجير حسن، وليس ذلك في أول النهار، وليتطيب لها، ويلبس أحسن ثيابه».
مشروعية الغسل يوم الجمعة للصلاة ثابتة؛ بقول النبي ﷺ:«غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم كغسل الجنابة»، رواه مالك في الموطإ (٢٢٤) والشيخان عن أبي سعيد الخدري، وهو نص في الوجوب، ولعل التشبيه فيه لتأكيد تعميم الجسم بالماء، وتقوية جانب التعبد، واستبعاد كون المراد النظافة فحسب، وقد تكرر هذا التشبيه في غسل الجمعة في غير حديث.
وظاهر كلام المصنف أن الغسل واجب، لكنهم فسروا كلامه هنا بأنه واجب وجوب السنن، اعتمادا على ما قاله في باب جمل حيث صرح بالسنية، على ما هو المشهور في المذهب، لكن ينبغي أن يكون متصلا بالرواح، ولا يجزئ قبل الفجر، وحجة القائلين بعدم الوجوب ما اعتقدوه صارفا لما سبق، وهو قول النبي ﷺ:«من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل؛ فالغسل أفضل»، رواه ابن ماجة والترمذي (٤٩٧) وحسنه وهو من رواية الحسن عن سمرة، وقوله «فبها ونعمت»؛ يعني فبالخصلة الواجبة أخذ، ووجه الدلالة منه أنه ليس بين الاكتفاء بالوضوء، وبين الغسل غير الأفضلية
فأما التهجير: فالمراد به أن يذهب لها وقت الهاجرة لا من أول النهار، على ما ورد في الحديث الآتي، حيث اعتبر مالك الساعات الست أجزاء الساعة الأخيرة من نصف النهار الأول، قال في العتبية من سماع أشهب:«والتهجير للجمعة ليس هو الغدو، ولكن بقدر، ولم يكن الصحابة يغدون هكذا، وأكره أن يفعل، وأخاف على فاعله أن يدخله شيء، ويصير يعرف بذلك»، وهو في النوادر وظاهر الحديث يدل على حقيقة التبكير، وعليه فالمعتمد عند مالم هو كون السلف لم ينقل عنهم التبكير من أول النهار.