٤٧ - «ومن وجد سلعته في التفليس فإما حاصص، وإلا أخذ سلعته إن كانت تعرف بعينها، وهو في الموت أسوة الغرماء».
كلامه هنا على بعض مسائل التفليس، وهو مصدر فلس المشدد، يقال: فلسه الحاكم تفليسا إذا حكم بذلك عليه، وقد قيل إن التفليس عدم المال، والظاهر أنه كذلك بقيد سبق وجوده، ففي مقاييس اللغة يقال: أفلس الرجل صار ذا فلوس بعد أن كان ذا دراهم»، انتهى، يريد أنه لا يملك إلا أدنى المال، وهو الفلوس، وفي اللسان:«أفلس الرجل إذا لم يبق له مال»، انتهى.
وقد قسموا التفليس قسمين: التفليس الأعم، وهو قيام ذي الدَّيْنِ على المدين الذي ليس عنده ما يفي بدينه، أي الذي تزيد ديونه على ما يملك، ومن أحكامه أن لصاحب الدَّيْنِ أن يمنع من أحاط الدَّيْنُ بماله من التبرعات، ومن السفر الذي يحل فيه وقت الدين، لكن لا يمنعه مما ينمي به ماله كالبيع والشراء، والقسم الثاني هو التفليس الأخص، وهو حكم الحاكم بخلع مال المفلس لغرمائه لعجزه عن قضاء ما لزمه، ومن أحكامه أن المفلس يُمْنَع من تصرفاته كلها، إلا أن يبيع لأجل الوفاء قال الحسن:«إذا أفلس وتبين لم يجز بيعه ولا عتقه ولا شراؤه»، علقه البخاري.
والمقصود أن من باع سلعة ولم يقبض ثمنها من المشتري حتى فُلس، فإن وجدها بعينها عند المفلس، وشهدت له بينة بذلك، فهو بالخيار إما أن يحاصص غيره من الغرماء، وهم الدائنون فيأخذ بنسبة ما له منه، فإن بقي له شيء فهو في ذمة المدين، وإن لم يختر المحاصصة فله أن يأخذ سلعته نفسها بالثمن الذي باعها به، لا فرق بين أن تكون قيمتها قد علت أو نزلت، وتخيير من وجد سلعته بعينها ثابت ما لم يدفع له الغرماء ثمن سلعته، فإن دفعوه له فلا كلام له، كما قيد هذا التخيير بما إذا كان التفليس طارئا بعد البيع، أما إن كان