١٧ - «وكذلك يطعم من فرط في قضاء رمضان حتى دخل عليه رمضان آخر».
الظاهر أن قضاء صوم رمضان واجب على التراخي، وأن زمانه يمتد إلى ما قبل رمضان المقبل، لكن الأولى مبادرة من ليس له عذر بالقضاء من غير خلاف، لظواهر النصوص الكثيرة التي فيها امتداح المسارعين إلى الخيرات، وهي تشمل المندوبات، والمفروضات أوكد منها، ويدل على أنه على التراخي قول عائشة -رضي الله تعالى عنها-: «إن كان ليكون علي الصوم من رمضان، فما أستطيع أن أقضيه حتى يأتي شعبان»، رواه الشيخان، (خ/ ١٩٥٠) وأصحاب السنن، (د/ ٢٣٩٩).
فمن أخر قضاء رمضان من غير عذر حتى دخل عليه شهر رمضان الذي يليه؛ فقد أثم، وعليه القضاء، ويفتدي بإطعام مسكين عن كل يوم مما أخر قضاءه، وفي المدونة (الكفارة في رمضان): «ما قول مالك فيمن كان عليه صيام رمضان، فلم يقضه؛ حتى دخل عليه رمضان آخر؟، قال: يصوم هذا الرمضانَ الذي دخل فيه، فإذا أفطر؛ قضى ذلك الأول، فأطعم مع هذا الذي يقضيه،،،» وقد استدل على ذلك بما رواه الدارقطني عن أبي هريرة عن النبي ﷺ في رجل مرض في رمضان فأفطر، ثم صح ولم يصم حتى أدركه رمضان آخر، فقال:«يصوم الذي أدركه، ثم يصوم الشهر الذي أفطر فيه، ويطعم عن كل يوم مسكينا»، لكنه ضعيف، والصحيح موقوف على أبي هريرة كما بينه الدارقطني، وعلقه البخاري عنه وعن ابن عباس بصيغة التمريض، وكلاهما في مصنف عبد الرزاق برقمي (٧٦٢٠) و (٧٦٢٨)، وروي الإطعام عن عمر وابنه ﵄، وقد مال البخاري إلى عدم الفدية محتجا بقوله تعالى: ﴿فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: ١٨٥]، ولم يذكر الإطعام، وليس بجيد لأن الدليل لا ينحصر في الكتاب الكريم، وقد قيل إنه عن ستة من الصحابة لا مخالف لهم، فالأحوط الإطعام، وانظر فتح الباري ترجمة (متى يقضى قضاء رمضان)؟، وقال الشوكاني في نيل الأوطار (٤/ ٣١٨): «الظاهر عدم الوجوب».