١٠ - «ولا يخرج المعتكف من معتكفه إلا لحاجة الإنسان».
هذا بعض ما جاء في حديث عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت:«إن كان رسول الله ﷺ ليُدخل عَلَيَّ رأسَه وهو في المسجد فَأُرَجِّلُهُ، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة إذا كان معتكفا»، رواه مالك (٦٩٢) والشيخان، (خ/ ٢٠٢٩)، وهذا لأن خروجه لغير ذلك يناقض اعتكافه، ولو كان مأذونا له في الخروج كيفما كان؛ ما سمي معتكفا، وحاجة الإنسان كناية عن البول والغائط، وما لا بد له منه إذا لم يكن معه كالأكل والشرب، ومن ذلك الوضوء والاغتسال، وإذا كان المعتكف لا يدخل بيته؛ فأولى أن لا يدخل بيت غيره، أو يذهب إلى موضع آخر من غير ضرورة، وفي الحديث المتقدم دليل على أن خروج بعض الجسم من المسجد؛ ليس خروجا للجسم، فلا يقع به حنث ممن حلف لا يخرج، وفيه عدم تجاوز القدر الذي يحتاج إليه في المخالفة، فعائشة لم تدخل المسجد؛ لأنها حائض، ولم يخرج النبي ﷺ إلى داره للامتشاط؛ لتمكنه من ذلك من غير خروج، ولو كان الخروج سائغا؛ لما تكلف إخراج رأسه وحده، وقد أمره ربه أن يقول: ﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ (٨٦)﴾ [ص: ٨٦].
قال في شرح عمدة الأحكام عن قول عائشة:«كان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان: «كناية عما يضطر إليه من الحدث، ولا شك أن الخروج له غير مبطل للاعتكاف، لأن الضرورة داعية إليه، والمسجد مانع منه، وكل ما ذكره الفقهاء أنه لا يخرج إليه، أو اختلفوا في جواز الخروج إليه؛ فهذا الحديث يدل على عدم الخروج إليه لعمومه، فإذا ضم إلى ذلك قرينة الحاجة إلى الخروج للكثير منه، أو قيام الداعي الشرعي في بعضه، كعيادة المريض، وصلاة الجنازة وشبهه؛ قويت الدلالة على المنع»، انتهى، يريد ﵀ أنه لو كان الخروج لمثل ما ذكر سائغا؛ لكان كثيرا، فيتنافى مع الاعتكاف، فهذا مما يقوي دلالة