٦ - «ثم يفيض الماء على شقه الأيمن، ثم على شقه الأيسر، ويتدلك بيديه بإثر صب الماء حتى يعم جسده، وما شك أن يكون الماء أخذه من جسده عاوده بالماء ودلكه بيده حتى يوعب جميع جسده».
تقديم الميامن على المياسر معروف دليله العام والخاص، ومن ذلك قول عائشة -رضي الله تعالى عنها- كان رسول الله ﷺ يحب التيامن في تنعله، وترجله، وطهوره، وفي شأنه كله»، رواه البخاري ومسلم، والترمذي والتنعل لبس النعل، والترجل الامتشاط، أما الدلك الذي هو إمرار اليد على الجسد؛ فلأن به يتم معنى الغسل المطلوب، فإن مجرد صب الماء على الجسد لا يسمى غسلا، ووجوبه هو المشهور، وقد قيل إنه واجب لذاته، وقيل واجب لإيصال الماء، وقيل لا يجب وهو قول ابن عبد الحكم كما في شرح زروق، قلت بل هو مروي عن الإمام أيضا، قال القرطبي في تفسيره الجامع لأحكام القرآن:«رواه مروان بن محمد الظاهري، وهو ثقة من ثقات الشاميين: سألت مالك بن أنس عن رجل انغمس في ماء، وهو جنب ولم يتوضأ، قال: مضت صلاته»، انتهى.
وقد كنت أظن اعتمادا على وصف الظاهري أن عدم شيوع هذه الرواية عن الإمام مرجعه إلى أنها لم يروها واحد من أصحابه، ولا من أتباع مذهبه، ثم رجعت إلى كتاب سير أعلام النبلاء للذهبي، فعلمت أن مروان بن محمد المذكور نسبته الطاطري، بطاءين مبهمتين، كان يطلق على كل من يبيع الثياب الكرابيس بدمشق، فلعلها التبست على ناسخها فكتبها محرفة، لكن القاضي عياض في المدارك (١/ ٥٤) عده في أصحاب مالك بالشام، وقال الططوي بطاءين وواو، فانظر ما يفعل النساخ بالأخبار، أما أن أصحاب مالك لايأخذون برواية الطاطري كما ذكره ابن تيمبة في مجموع الفتاوى (١/ ٢٢٩) فهذا غير لازم لكونه ثقة.