للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، وعينه التي يبصر بها» (١).

لكن المؤمنين كلهم يشتركون في الولاية العامة، وهي التي عناها المؤلف، كما قال تعالى: ﴿اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ﴾ [البقرة: ٢٥٧]، وقال تعالى في درجة أخرى من هذه الولاية: ﴿وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ﴾ [الأنفال: ٣٤]، وقال تعالى: ﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (٦٣)[يونس: ٦٢ - ٦٣].

فالناس إما أولياء لله، وهم الذين والوه في الجملة على تفاوت بينهم، وأعظمهم درجة أنبياؤه ورسله، ثم من اتبعوهم من الصديقين والشهداء والصالحين، ومن دونهم من الموحدين فهم أصحاب الجنة ابتداء، أو مآلا وإما أعداء لله وهم الذين كفروا به سبحانه، وعصوا رسله، فهؤلاء هم أصحاب النار، قال تعالى: ﴿ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ﴾ [فصلت: ٢٨]، وقال تعالى: ﴿النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [الحج: ٧٢].

وقد أخبر الله تعالى عن وجود الجنة، وأنه أعدها دار كرامة لأوليائه، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (١٣٣)[آل عمران: ١٣٣]، وقال تعالى: ﴿سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ﴾ [الحديد: ٢١].

كما أخبر بوجود النار، وأنه أعدها دار عذاب للكفار قال تعالى: ﴿فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (٢٤)[البقرة: ٢٤]، وقال تعالى: ﴿إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا﴾ [الكهف: ٢٩].

وثبت في الأحاديث الصحيحة رؤية النبي للجنة والنار، وأخبر أن حرارة الشمس من فيح جهنم، وأن أرواح الشهداء في حواصل طيور خضر تأوي إلى قناديل في الجنة،


(١) رواه البخاري (٦٥٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>