للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٧٥ - «وليس في النظرة الأولى بغير تعمد حرج».

جاء في هذا أيضا حديث بريدة مرفوعا: «لا تتبع النظرة النظرة، فإنما لك الأولى، وليست لك الآخرة»، رواه أبو داود، ومعنى لك الأولى أنك لا تؤاخذ عليها، بخلاف ما بعدها مما قصدته، وروى أحمد والطبراني عن أبي أمامة عن النبي قال: «ما من مسلم ينظر إلى محاسن امرأة أول مرة، ثم يغض بصره إلا أحدث الله له عبادة يجد حلاوتها»، وفيه علي بن يزيد الألهاني ضعفه الحافظ في التقريب، وفيه أن ترك الحرام بقصد الطاعة عبادة، ولهذا يؤجر تارك المكروه والحرام امتثالا، لا اضطرارا أو عجزا، ولا ريب أن قامع شهوته عن الحرام يحدث له من السكينة والراحة النفسية ما يعوضه أضعافا مضاعفة تلك النزوة العابرة، والوطر المنقطع، ويشهد لحلاوة العبادة التي يجدها من غض بصره قول النبي : «ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما … الحديث.

وقال ابن تيمية في الجزء الخامس عشر من مجموع الفتاوى: «ولهذا يقال: إن غض البصر عن الصورة التي ينهى عن النظر إليها كالمرأة والأمرد الحسن يورث ثلاث فوائد جليلة القدر: أحدها حلاوة الإيمان التي هي أحلى وأطيب مما تركه لله، فإن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه … ».

«والفائدة الثانية في غض البصر هي نور القلب والفراسة، قال تعالى عن قوم لوط: ﴿لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (٧٢)[الحِجر: ٧٢]، فالتعلق بالصور يوجب فساد العقل، وعمى البصيرة وسكر القلب، بل جنونه كما قيل:

سكران: سكر الهوى وسكر مدامة … فمتى يفيق من به سكران؟

وذكر الله سبحانه آية النور عقيب آيات غض البصر … ».

<<  <  ج: ص:  >  >>