للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نُص على نزع الخف للجنابة في حديث صفوان بن عسال، وقد تقدم، كما يندب نزعه لغسل الجمعة، وقد حمل عليه قول ابن نافع في المجموعة: «حده للحاضر من الجمعة إلى الجمعة»، وفي رسالة مالك إلى هارون الرشيد - وتسمى كتاب السر - إثبات التوقيت للمسافر ثلاثة أيام وللمقيم يوم وليلة، لكن شيوخ المذهب أنكروها، وقالوا إن فيها أحاديث لا تصح عنده، وقد قال عبد الرحمن بن مهدي: «لا أصل لحديث التوقيت»، لكن ابن عبد السلام اختار التوقيت لموافقته حديث علي بن أبي طالب.

ومما استدل به على عدم التوقيت؛ حديث بحيى بن أيوب أنه قال: «يا رسول الله أمسح على الخفين»؟، قال: «نعم»، قال: «يوما»؟، قال: «يوما»، قال: «ويومين»؟، قال: «ويومين»، قال: «وثلاثة»؟، قال: «نعم، وما شئت»، رواه أبو داود (١٥٨)، وقال: «وقد اختلف في إسناده، وليس هو بالقوي»، وفيه أيوب بن قطن، وفيه لين، ومحمد بن يزيد بن أبي زياد مجهول الحال.

وأولى الروايات عن الإمام في المسألة ما رواه أشهب عنه أن مدة المسح للمقيم يوم وليلة، وللمسافر ثلاثة أيام بلياليهن، ذكره الغماري في المسالك، ودليله حديث صفوان بن عسال قال: «كان رسول الله يأمرنا إذا كنا سفرا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة، ولكن من غائط وبول ونوم»، رواه أحمد والنسائي وابن ماجة، وصححه الترمذي (٩٦) وابن حزم، كما حسنه البخاري، ويدل عليه أيضا حديث خزيمة بن ثابت مرفوعا: «للمسافر ثلاثة، وللمقيم يوم»، رواه الترمذي (٩٥)، وصححه، ونقل عن يحي ابن معين تصحيحه، وفي رواية أبي داود (١٥٧) زيادة: «ولو استزدناه لزادنا»، ولا دليل فيها، لأنه مجرد ظن من الراوي لما رآه من يسر الدين وانتفاء الحرج فيه، وهذا حق، لكنه لا يثبت به المدعى، فإنهم لم يستزيدوه، ولا زادهم. وقد جاء ما يؤخذ منه عدم التوقيت في السفر للعذر، إذ قال عمر لعقبة وقد مسح من الجمعة إلى الجمعة وهو مسافر: «أصبت السنّة» رواه الدار قطني وغيره، وهو في الصحيحة (٢٦٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>