الأصل في هذا أن تترك المشاحة والمضارة معا، فأما المشاحة؛ فلأنها لا تستقيم علاقة المتساكنين معها، فكيف بالزوجين؟، وأما المضارة فقواعد الشريعة تمنعها، والمؤلف بين أن الزوج إذا كان ذا سعة بحيث يمكنه توفير من يخدم زوجته الشريفة التي لم تجر العادة باستخدامها؛ وجب عليه ذلك، إما بأن يتولى الخدمة بنفسه!!، أو يؤاجر من يقوم بها، لكنها لا تطلق عليه بعجزه عن توفير من يخدمها ولو كانت ذات شرف في رواية أصبغ وابن الماجشون عن مالك، لأنها دخلت على ذلك، فيلزمها حينئذ الخدمة الباطنة كالطبخ والعجن، بخلاف الخدمة الظاهرة كالطحن، وسقي الماء، إلا أن تطوع، أو تكون هناك عادة، فتحمل عليها، لأن العادة المقررة كالشرط كما تقدم في الرضاع، وقد استدل على وجوب إخدام الزوجة بأن ذلك من جملة المعروف الذي أمرنا أن نعاشر الأزواج به في قوله تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ (١٩)﴾ [النساء: ١٩]، وفي هذا الاستدلال نظر، ومن الأدلة على أن المرأة تخدم زوجها حديث علي أن فاطمة ﵄ أتت النبي ﷺ تشكو إليه ما تلقى في يدها من الرحى، وبلغها أنه جاءه رقيق فلم تصادفه، فذكرت ذلك لعائشة، قال: فجاءنا وقد أخذنا مضاجعنا، فذهبنا نقوم، فقال: على مكانكما، فجاء فقعد بيني وبينها، حتى وجدت برد قدميه على بطني، فقال:«ألا أدلكما على خير مما سألتما؟، إذا أخذتما مضاجعكما، أو أويتما إلى فراشكما؛ فسبحا ثلاثا وثلاثين، واحمدا ثلاثا وثلاثين، وكبرا أربعا وثلاثين، فهو خير لكما من خادم»، رواه البخاري، ويدل الحديث على أن ذكر الله تعالى مما تتيسر معه الأعمال، وتخف بسببه الأتعاب، لاستيقان الذاكر أن ذلك تعب مؤقت، زواله قريب، وأن هم المؤمن الرغب في ثواب الآخرة، لا مجرد الراحة في الدنيا، ووجه الدلالة أنه لو كان واجبا على الزوج إخدام زوجه لألزم النبي ﷺ عليا بذلك، وكيف