بل إن الصلوات الخمس ركن من أركان الإسلام، وقد جعلها الله مناجاة من العبد لربه إذ قال النبي ﷺ:«المصلي يناجي ربه»، وجعلها عروجا بروحه خمس مرات في اليوم، ولهذا فرضها الله تعالى ليلة المعراج بنبيه ﷺ، حتى يحصل لأمته بعض ما حصل له من السمو الروحي والرفعة المعنوية، فمن تركها عامدا غير متأول فلا حظ له في الإسلام كما قاله عمر ابن الخطاب ﵁، وهو في الموطإ، بل هو كافر خارج عن الملة عند فريق من العلماء.
قال الشيخ محمد رشيد رضا في تفسيره المنار عند الآية (٤٣٥) مبينا الحكمة من تكرر الصلاة في اليوم والليلة: «رأينا من سنة القرآن أن يختم كل حكم أو عدة أحكام بذكر الله تعالى والأمر بتقواه والتذكير بعلمه بحال العبد وبما أعد له من الجزاء على عمله، وفي هذا ما فيه من نفخ روح الدين في الأعمال، وإشرابها حقيقة الإخلاص، ولكن هذا التذكير القولي بما يبعث على إقامة تلك الأحكام على وجهها قد يغفل المرء عن تدبره ويغيب عن الذهن تذكره بانهماك الناس في معايشهم، واشتغالهم بما يكافحون من شدائد الدنيا، أو ما يلذ لهم من نعيمها، ولهذه الضروب من المكافحات، والفنون من التمتع باللذات، سلطان قاهر على النفس، وحاكم مسخر للعقل والحس، يتنكب بالمرء سبيل الهدى، حتى تتفرق به سبل الهوى، فمن ثَمَّ كان المكلف محتاجا في تهذيب شهواته الحيوانية إلى مذكر يذكره بمكانته الروحانية، التي هي كل حقيقته الإنسانية، وهذا المذكر هو الصلاة، فهي التي تخلع الإنسان من تلك الشواغل التي لا بد له منها، وتوجهه إلى ربه جل وعلا، فتكثر له مراقبته، حتى تعلو بذلك همته، وتزكو نفسه، فتترفع عن البغي والعدوان، وتتنزه عن دناءة الفسق والعصيان، ويحبب إليها العدل والإحسان، بل ترتقي في معارج الفضل إلى مستوى الامتنان، فتكون جديرة بإقامة تلك الحدود، وزيادة ما يحب الله تعالى من الكرم والجود،