هذا شروع من المؤلف في ذكر أضرب من البيوع الممنوعة لما فيها من الغرر، إما للجهل بالمثمن، أو لعدم القدرة على التسليم، أو لعدم الانتفاع بالمبيع، وهو شرط في المثمن كما تقدم، ويجتمع في بيع الثمر قبل بدو صلاحه أكثر من علة، وقد جاء هذا في أحاديث عدة بألفاظ مختلفة منها حديث ابن عمر ﵄ أن النبي ﷺ نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها، نهى البائع والمشتري»، رواه مالك (١٢٩٩) وأحمد والشيخان وغيرهم، وفيه أن المتضرر في البيع وإن رضي فلا يكون ذلك مسوغا لصحة ما نهي عنه، يدل عليه قوله نهى البائع والمبتاع، وأن الإثم يلحق البائع والمشتري على السواء كما في آكل الربا وموكله، وإن كان الآكل والبائع أشد إثما، هذا لظلمه غيره بأكله مال غيره بالباطل، وذاك لتبذيره ماله وإضاعته، وجاء بدو الصلاح مبينا في حديث أنس عند مسلم وبعض أصحاب السنن قال:«نهى رسول الله ﷺ عن بيع النخل حتى تزهو، وعن بيع السنبل حتى يبيض، ويأمن العاهة»، والعاهة هي الآفة، يقال عيه الزرع بالبناء للمجهول فهو معيوه، وجاء بدو الصلاح مبينا في حديث أنس عند أبي داود والترمذي وابن ماجة:«نهى عن بيع العنب حتى يسود، وعن بيع الحب حتى يشتد»، واسوداد العنب دليل على نضجه متى كان يسود عند النضج، وابيضاض السنبل كذلك، فإنه حينئذ ييبس، ولذلك عبر عنه بالاشتداد كما تقدم، واحمرار الثمرة دليل على ذلك متى كانت تحمر عند النضج، وإلا فالعبرة ليست باللون بل بالطيب فيما لا يحمر، وقد جاء في حديث أنس الآخر أن النبي ﷺ نهى عن بيع الثمرة حتى تُزهي، قالوا:«وما تزهي»؟، قال:«تحمر»، وقال:«إذا منع الله الثمرة فبم تستحل مال أخيك»، رواه مالك في الموطإ (١٣٠٠) والشيخان، وتزهي رباعي، وهي لغة قليلة، يقال أزهت النخلة إذا ظهر فيها الحمرة والصفرة، وقد جاء نهي النبي ﷺ