للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه كتاب الله تعالى، من ذلك قول النبي : «لا تحرم المصة والمصتان»، رواه مسلم (١٤٥٠) وغيره عن عائشة، وقوله : «لا تحرم الإملاجة ولا الإملاجتان»، رواه مسلم وأصحاب السنن عن أم الفضل، والإملاجة بكسر الهمزة - وهي الملجة أيضا - المصة، وقد جاء بيانها في بعض روايات الحديث بالرضعة، ولو لم يرد غير هذا في الباب لكان الأخذ به متعينا، فلا ينشر ما كان من الرضاع كذلك، وينشر بالمفهوم ما زاد على ذلك، لكن صح عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله تعالى عنها- قولها: «كان فيما يتلى قرآنا عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس رضعات، فتوفي رسول الله وهن فيما يقرأ من القرآن»، رواه مسلم (١٤٥٢)، والذين لم يأخذوا به ومنهم أهل المذهب يقولون لم يثبت إلا من طريقها، والقرآن لا يثبت بالآحاد، وما لم يثبت قرآنا لا يثبت به حكم، ولا يكون سنة أيضا فيثبت به حكم، لأنه لم يرو على أنه سنة، لكن يقال حيث صح قول عائشة هذا عنها فأقل ما يؤخذ منه الحكم الذي تضمنه، بقطع النظر عن ثبوت القرآن بالآحاد وعدم ثبوته، فما ذا لو قالت عائشة من السنة كذا فإن هذا يعطى حكم المرفوع، وقولها كان ذلك قرآنا أقوى في الدلالة من سابقه، ويتأيد كون هذا العدد له مدخلٌ في التحريم أمر النبي سهلة بنت سهيل امرأة أبي حذيفة أن ترضع سالما، فأرضعته خمس رضعات، فكان بمنزلة ولدها من الرضاعة، والظاهر أن العدد الذي فعلته سهلة لم يكن رأيا منها، بل هو توقيت من الشارع، يدل عليه رواية مالك في الموطإ (١٢٨٤)، فإن فيها قول النبي : «أرضعيه خمس رضعات فيحرم بلبنها»، وكانت عائشة تأمر بهذا العدد وتوقت به نشر الحرمة فيمن تريد أن يدخل عليها من الرجال، وليس كلامنا إلا في العدد لا فيما رأته أم المؤمنين من التوسع في ذلك، إذ كيف يظن بها التزام العدد من غير أن يكون لها فيه مستند وتوقيف؟.

وقد استثنى أهل المذهب مما دل عليه الحديث «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب» ست مسائل لا تحريم فيها مع أنها في النسب محرمة، واستثنى بعضهم أربعة كما في الفتح (٩/ ١٧٨) والستة هي:

١ - أم الأخ من الرضاع، فإنها في النسب زوجة الأب.

٢ - ومرضعة ولد الولد، وهي في النسب إما بنتك، أو زوجة ابنك.

<<  <  ج: ص:  >  >>