٨٨ - «وأمر بأكل الطيب وهو الحلال فلا يحل لك أن تأكل إلا طيبا ولا تلبس إلا طيبا ولا تركب إلا طيبا ولا تسكن إلا طيبا وتستعمل سائر ما تنتفع به طيبا».
قال الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (١٦٨)﴾ [البقرة: ١٦٨]، وقال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (١٧٢)﴾ [البقرة: ١٧٢]، وقال النبي ﷺ: «أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: ﴿يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (٥١)﴾ [المؤمنون: ٥١]، وقال: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك»؟، رواه أحمد ومسلم والترمذي عن أبي هريرة، فقوله ﷺ:«إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا»، يشمل ذلك كله، فلا يقبل الله من الصدقات إلا ما كان من حلال، إذا لا يقبل صدقة من غلول، وإذا كان لا يقبل ما يعطى للغير من الحرام فأولى أن لا يقبل ما يأكله المرء أو يشربه أو يلبسه أو يركبه منه، وهذا وجه ذكر النبي ﷺ بعد ذلك أمره ﷾ المؤمنين وهو أكل الحلال والشكر لله بما أمر به المرسلين من أكل الحلال وعمل الصالحات، وشكر الله عمل صالح أيضا، ولكنه ذكر في جانب المؤمنين لأنه قيد للنعم ومن أسباب بقائها وزيادتها، وتمسك عموم الناس بالنعم عظيم، فدلوا على ما يثبتها، أما الرسل فيقينهم يكفيهم عن التشوف إلى ذلك، والمقصود أن في هذا الربط إشارة إلى أن قبول العمل الصالح متوقف على التزام الحلال في المآكل والمشارب والملابس، ولهذا جاء ذكر هذا الذي يدعو وظاهره على حال يظن أن دعاءه يقبل فهو قد أطال السفر،