للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٣١ - «ولا يجوز عتق من أحاط الدَّيْنُ بماله».

بعد كلامه على العتق بالتدبير والاستيلاد والمكاتبة تكلم هنا على العتق الناجز، والعتق في اللغة الخلوص، والصلة بين هذا وبين ما نحن فيه خروج الرقبة من الرق، وهو الكرم أيضا، ولذلك يقال البيت العتيق، وفيه معنى القدم، وهو من أعظم القربات، ومما جاء فيه من الترغيب قول النبي : «من أعتق رقبة مسلمة أعتق الله ﷿ بكل إرب منها إربا منه من النار، حتى فرجه بفرجه»، رواه الشيخان والترمذي عن أبي هريرة، والإرب القطعة، ومن ذلك قول النبي : «أيما امرئ مسلم أعتق امرأ مسلما استنقذ الله بكل عضو منه عضوا من النار»، رواه الشيخان، وروى الترمذي عن أبي أمامة مرفوعا: «أيما امرئ مسلم أعتق امرأتين مسلمتين كانتا فكاكه من النار»، والفكاك بكسر الفاء وفتحها ما يفك به الشيء، وروى أبو داود عن كعب بن مرة مرفوعا: «وأيما امرأة مسلمة أعتقت امرأة مسلمة كانت فكاكها من النار».

ويكون العتق واجبا ومندوبا، والكلام هنا على غير الواجب، وللعتق أركان ثلاثة:

أولها: المُعْتِقُ بكسر التاء، وهو البالغ العاقل الذي لم يحط الدَّيْنُ بماله، غير

صبي ولا مجنون ولا محجور عليه، وينفذ عتق السكران عندهم كما ينفذ طلاقه، والظاهر خلافه لفقد القصد من الناسي والمخطئ والمكره، إذ العتق عبادة، وكذلك يصح عتق الكافر الكافر، بيد أنه له الرجوع فيه بخلاف المسلم، فإن أعتق الكافر عبده ثم أسلم لزمه عتقه.

ويستدل على عدم مشروعية عتق من أحاط الدين بماله بالقياس على ما رواه مالك عن الحسن بن أبي الحسن البصري ومحمد بن سيرين أن رجلا في زمان رسول الله أعتق عبيدا له ستة عند موته فأسهم رسول الله بينهم، فأعتق ثلث أولئك العبيد، قال مالك: «وبلغني أنه لم يكن لذلك الرجل مال غيرهم»، وقد وصله مسلم من طريق محمد

<<  <  ج: ص:  >  >>