٣ - «لا يبلغ كنه صفته الواصفون، ولا يحيط بأمره المتفكرون، يعتبر المتفكرون بآياته، ولا يتفكرون في ماهية ذاته»
كنه الشيء في اللغة هو قدره، وغايته، ووجهه، ووقته، كذا في لسان العرب، والصالح من هذه المعاني لتفسير كلام المؤلف ما عدا الأخير، فلا يعرف قدر صفات مولانا وغايتها ووجهها أحد، قال تعالى: ﴿وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى (٤٢)﴾ [النجم: ٤٢]، أي إليه تنتهي الأمور، وإليه تصير الأشياء بالبعث والنشور، وإلى الله المنتهى في كل حال، فإليه ينتهي العلم، والحكم، وسائر الكمالات.
أما تفسير الكنه بالحقيقة، والقول بأن معنى كلام المؤلف هو «لا يبلغ حقيقة صفته الواصفون» كما هو في شرح أبي الحسن، فالظاهر أن إطلاق الكنه على الحقيقة اصطلاح حادث، وإذا كان كذلك فلا يلتفت إليه، ولو افترضنا وجود هذا المعنى في الكنه لغة لكان اللائق تفسيره بغيره مما سبق، وإن قال ابن ناجي ﵀ نقلا عن غيره:«ويفهم من كلام المصنف أن مذهبه نفي العلم بالحقيقة»، انتهى، بل مذهب المصنف هو مذهب السلف، وهو نفي العلم بالكيف، وإذا جاء عن السلف التفويض فمعناه التفويض في الكيف، وإلا لزم منه جهل أعظم ما في القرآن وهو صفات الباري سبحانه ومن ثم الجهل به والعلم به أعظم العلوم.