عند المسلمين منذ عهد نبيهم ﷺ ولا يزال على المبادرة بصلاة المغرب في أول وقتها، فإنه يجاب عنه بإن الكلام ليس في فضيلة المبادرة بها، فإنه لا خلاف فيها، وقد جاء في ذالك قول النبي ﷺ:«إذا أذنت المغرب فاحدرها مع الشمس حدرا»، رواه الطبراني في الكبير عن أبي محذورة احدرها أسرع بها وإنما الكلام في خروج وقتها، ثم ما ذا يقال عن تطويل النبي ﷺ القراءة فيها أحيانا، حيث ثبت أنه قرأ بالأعراف في الركعتين منها، وهكذا تأخيرها إلى أن تجمع مع العشاء بالمزدلفة، فالحق أن لها وقتين، وقد اختار هذا القول - الضعيف في المذهب - من علمائه الباجي، وابن عبد البر، وابن رشد، واللخمي، والمازري أخذا مما في الموطإ (٢٢)، وقد تقدم أول الباب، ووجه ضغفه عند بعض المتأخرين أنه ليس في المدونة إلا استثناء المسافرين من المبادرة بها، وأنت خبير بأن المدونة عند المتأخرين ولا سيما المغاربة مقدمة على الموطإ لأسباب ليس هذا محل ذكرها، وقد أشرت إليها في كتاب آخر، ويستغرب ما استدل به القاضي عبد الوهاب في كتابه المعونة على كون وقت المغرب واحدا حيث قال:«ولأنها صلاة مفروضة من الخمس، فوجب أن يكون وقتها كجنس عددها من شفع أو وتر كسائر الصلوات».
أما تسمية المغرب بصلاة الشاهد أي الحاضر أخذا من كونها لا تقصر في السفر؛ فهو لمالك من رواية ابن القاسم عنه في العتبية قال:«الأعراب يسمون المغرب الشاهد؛ لأنها لا تقصر»، وبهذا يظهر أن إطلاق هذا الوصف عليها ليس من فهم المؤلف كما ذكره المحدث الغماري في مسالك الدلالة، وقد يقال إن الصبح مثل المغرب في عدم القصر بالإجماع، فما وجه إفراد المغرب بهذا الوصف؟، والأولى أن يقال إن وجه التسمية ما رواه مسلم والنسائي من حديث أبي بصرة الغفاري أن النبي ﷺ قال:«إن هذه الصلاة فرضت على من كان قبلكم فضيعوها، فمن حفظها كان له أجره مرتين، ولا صلاة بعدها حتى يطلع الشاهد»، والشاهد النجم»، فيقال لما كان وقتها مرتبطا بهذا النجم معلقا عليه نسبت إليه.