٢٩ - وللمسافر أن يتنفل على دابته في سفره حيثما توجهت به، إن كان سفرا تقصر فيه الصلاة، وليوتر على دابته إن شاء، ولا يصلي الفريضة وإن كان مريضا إلا بالأرض، إلا أن يكون إن نزل صلى جالسا إيماء لمرضه؛ فليصل على الدابة بعد أن توقف له، ويستقبل بها القبلة».
من أحكام السفر - لكونه مظنة التخفيف - جواز صلاة النافلة فيه على الدابة، وعدم لزوم توجه مصلي النافلة على الدابة إلى القبلة، بل يجوز له أن يصلي إلى الجهة التي تتجه إليها دابته، بشرط أن يكون سفرا تقصر فيه الصلاة، وقد تقدم بيان ذلك من حيث المسافة ومدة الإقامة، ومما يجوز له صلاته على دابته الوتر، وإنما نص عليه المؤلف لكونه أوكد النوافل، وقد نص على صلاته على الدابة، فاستدل بمشروعية صلاته فوق الدابة على عدم وجوبه، لأن الفريضة لا تصلى على الدابة اختيارا، ودليل التنفل على الدابة حديث عامر بن ربيعة قال:«رأيت رسول الله ﷺ وهو على راحلته يسبح: يومئ برأسه قبل أي وجهة توجه، يوتر عليها، ولم يكن يصنع ذلك في المكتوبة»، رواه البخاري ومسلم، وتقييد ذلك بسفر القصر مأخوذ من كونه مظنة الترخيص، ولأن صلاة النبي ﷺ النافلة على الدابة إنما جاءت في أسفاره، ولم ينقل عنه أنه سافر سفرا قصيرا فصنع ذلك، ذكر نحوا من هذا الحافظ في الفتح، في باب ينزل للمكتوبة.
وروى مالك في الموطإ (٣٥١) عن عبد الله بن عمر قال: «رأيت رسول الله ﷺ يصلي وهو على حمار، وهو متجه إلى خيبر»، وروى أيضا عنه:«رأيت رسول الله ﷺ يصلي على راحلته في السفر حيث توجهت به»، وحمل بعض أهل العلم على هذا قوله تعالى: ﴿فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ﴾ [البقرة: ١١٥].