فإن الله تعالى يرزقك الشهادة»، قال:«فكانت تسمى الشهيدة»، قال:«وكانت قرأت القرآن فاستأذنت النبي ﷺ أن تتخذ في دارها مؤذنا، فأذن لها، قال: «وكانت دبرت غلاما لها وجارية، فقاما إليها بالليل فغماها بقطيفة لها حتى ماتت، فأصبح عمر فقام في الناس فقال: «من كان عنده من هذين علم، أو من رآهما فليجئ بهما، فأمر بهما فصلبا، فكانا أول مصلوب بالمدينة»، ثم رواه من طريق محمد بن فضيل عن الوليد بن جميع عن عبد الرحمن بن خلاد عن أم ورقة، وفيه:«وكان رسول الله ﷺ يزورها في بيتها، وجعل لها مؤذنا يؤذن لها، وأمرها أن تؤم أهل دارها، قال عبد الرحمن: «فأنا رأيت مؤذنها شيخا كبيرا».
قال في التلخيص الحبير (٥٥٦): «عبد الرحمن بن خلاد فيه جهالة»، ورواه الحاكم وفيه:«وأمر أن يؤذن لها ويقام، وتؤم أهل دارها في الفرائض»، والوليد بن عبد الله بن جميع، وعليه مدار الحديث هو من رجال مسلم، قال عنه في التقريب:«صدوق يهم، ورمي بالتشيع»، وقال الحاكم:«هذه سنة غريبة لا أعرف في الباب حديثا مسندا غيرها»، وقد سكت عنه أبو داود، وصححه ابن خزيمة، وحسنه الألباني.
والحديث كما ترى يتعدى إمامة المرأة للنساء، لأن قوله «أهل دارها»؛ يشمل بظاهره مؤذنها وغلامها، وقد وجدت الكحلاني على هذا المعنى، وذهب إلى هذا المعنى أبو ثور والمزني والطبري، وخصه الدارقطني بنساء أهل دارها، ذكره الشوكاني في (النيل ٣/ ٢٠١)، ولم أقف عليه في سنن الدارقطني، وإذا صح الحديث، وأعمل هذا الظاهر وهو الحق؛ فينبغي أن يعلم أيضا أن من السنن الماضية عند المسلمين؛ أن النساء ليس من شأنهن إمامة للنساء معهم الرجال، فينبغي أن يقيد ذلك بعدم وجود من يقرأ، وهذا الاحتمال قوي في الحديث المذكور، وإلا فقد كانت هناك نساء كثيرات فقيهات وقارئات، ومع ذلك ما جرى تقديمهن، كما أنه لا يصح أن يتوسع في إمامة المرأة للنساء، فيقال بمشروعية صلاة النساء تؤمهن واحدة منهن على وجه المداومة والاستمرار، فإن النساء كن إما أن يصلين مع الرجال في المساجد، أو في بيوتهن، وبيوتهن خير لهن، وإنما قلت هذا؛ لأنه قد جد من المخالفات ما لم يكن في عهود الإسلام الماضية، كهذه الأحياء الجامعية