للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٧١ - «وكفارة القتل في الخطإ واجبة: عتق رقبة مؤمنة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين».

من إعظام الله تعالى لشأن قتل النفس أن جعل في عمده القصاص، إلا أن يعفو الأولياء أو بعضهم ففيه الدية إن طلبوها، وفي خطئه تعويض أولياء المقتول بالدية تطييبا لخواطرهم، وتعويضا لهم عما فاتهم بقتل صاحبهم، إلا أن يعفى عنها أو عن بعضها، وكما تجب الدية متى كان القاتل بالغا عاقلا تجب ولو كان القاتل صبيا أو مجنونا لأنها من خطاب الوضع، ثم الكفارة لحق الله سبحانه، ولما في القتل من الخطر، ولاحتمال تقصير القاتل في التوقي والحذر، شرعت الكفارة، مع أن الإثم مرفوع عنه لقول الله تعالى ذاكرا ما يدعوه به صالحو عباده: ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا (٢٨٦)[البقرة: ٢٨٦]، وقد جاء في الحديث الذي رواه مسلم عن أبي هريرة مرفوعا قال الله: نعم، أي أنه سبحانه قَبِلَ هذا الدعاء بعدم المؤاخذة من عباده، والكفارة غير معهودة في الخطإ إلا في قتل النفس وهي في غيره جبران، وهي شيئآن على الترتيب: عتق رقبة مؤمنة، فمن لم يجد الرقبة، كما هو الحال اليوم، أو لم يقدر على ثمنها فليصم شهرين متتابعين، فإن عجز عنهما تربص وقت القدرة، ولا يجزئه الإطعام، والقول به عند العجز اعتمادا على قياس القتل على الظهار فيه نزاع، وانظر تفسير ابن كثير، قال الله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (٩٢)[النساء: ٩٢].

واعلم أن الكفارة تكون بعدد القتلى، فمن قتل ثلاثة أنفس فإن عليه ثلاث كفارات،

<<  <  ج: ص:  >  >>