٨٥ - «واللعان بين كل زوجين في نفي حمل يدعى قبله الاستبراء، أو رؤية الزنا كالمرود في المكحلة».
شرع الله تعالى حد القذف ثمانين جلدة على كل من قذف محصنا أو محصنة من المسلمين، إذا لم يقيموا البينة على ما رموا به غيرهم صيانة للأعراض المحرمة، لكنه جلت قدرته؛ استثنى الأزواج من هذا الحد، فشرع اللعان بين الزوجين، وكأنه من المستبعد أن يتهم الزوج زوجته بشيء من ذلك من غير مستند، لما في طباع الناس من الغيرة والحرص على صيانة أعراضهم، ولأن الزوج يعلم من زوجه ما لا يعلم من غيرها.
واللعان مفاعلة من اللعن، وهو الإبعاد والطرد، وكانت العرب تطرد الشرير وتسميه لعينا لئلا تؤاخذ بجرائره، والمراد هنا ما يجري بين الزوجين من التلاعن بألفاظ مخصوصة، وقد صار اللعان حقيقة شرعية، وسمي بأخطر كلمة في الشهادة الخامسة من الزوج المقدم في اللعان لأنه صاحب الدعوى، وهي قوله لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين.
وقد حد ابن عرفة اللعان بقوله:«حلف زوج على زنا زوجته، أو نفي حملها اللازم لها، وحلفها على تكذيبه، إذا أوجب نكولُها حدها، بحكم قاض»، والتعريف كما ترى يبين أن للعان سببين رمي الزوج زوجته بالزنا، بأن يراها تزني، أو نفيه أن يكون حملها منه، سواء كان ما يزال في بطنها أو وضعته، والمرود في كلام المؤلف بكسر الميم، هو الميل الذي يكتحل به، وهو المكحل اسم آلة، والمُكحُلة بمضمومين، ووزنها مما شذ في بابه؛ هو الوعاء الذي يجعل فيه الكحل، وهذان السببان متفق عليهما، وسيأتي الكلام على سبب آخر مختلف فيه وهو القذف المجرد، لكن ليس للزوج أن ينفي الحمل بعد علمه به وسكوته، وليس له أن ينفيه إلا إذا ادعى عدم الوطء، واستبرأ امرأته بعده، ولمالك في الاستبراء