[٣٦ - باب في الشفعة والهبة والصدقة والحبس والرهن والعارية والوديعة واللقطة والغصب]
هذه أمور تسعة جمعها في ترجمة واحدة يروم بذلك الاختصار، وسيأتي تعريف كل منها في موضعه إن شاء الله، وقد ابتدأ بالشفعة وهي بضم الشين وسكون الفاء مأخذها من الشفع ضد الوتر لأن الشفيع يضم حصة غيره إلى حصته فتصير شفعا، والذي له حق الشفعة يدعى شافعا وشفيعا.
والشفعة في المذهب هي «استحقاق شريك أخذ مبيع شريكه بثمنه»، أي طلب الشريك ذلك لأنه حقه، وليس معناه إلزامه به، وقوله مبيع هو متفق عليه، ويدخل على مشهور المذهب ما انتقل بعوض كالصداق وأرش الجناية وهبة الثواب، بخلاف الهبة والصدقة والإرث، وقد يكون هذا مبنيا على تعليل الشفعة وعدمه، وإن لم أعلم من ذهب إلى عدم التعليل من أهل المذهب، لأن تعليلها بدفع الضرر عن المشارك يقضي بتساوي طرق انتقال الملك لا فرق ما كان بعوض وغيره، وهذا متجه قوي، وقوله شريكه قيد يخرج غير الشريك كالجار فلا شفعة له في المذهب، وسيأتي ما فيه، وقوله بثمنه معناه أنه إنما يأخذ الشقص بثمنه الذي بيع به، فإن لم يبع كما إذا أخذ في صلح أو صداق فإنه يأخذه بقيمته، وقد تقدم الفرق بين ثمن الشيء وقيمته في البيوع، وقيد الثمن يخرج ما يأخذه باستحقاق، وسيأتي معنى الاستحقاق في باب الأقضية.
والشفعة مستثناة من أصل ممنوع لأجل دفع الضرر عن الشريك، إذ الأصل أن لا يباع ملك الرجل بغير رضاه.
فإن قيل: إن في دفع الضرر عن الشريك إلحاقَ الضرر بالمشتري، فالجواب: أن دفع