الضرر عن الأول مرجح لسبقه في التملك، ومع ذلك فقد اختلف هل حق الشفعة معلل أولا، فذهب أبو المعالي الجويني كما حكاه عنه ابن العربي في المسالك (٦/ ١٨١) ورده إلى أنه غير معلل لأنه فسخ قهري يترتب على عقد اختياري أذن الشرع فيه، وهذا ما لا نظير له في الشريعة، وإنما شرعه الله لما علم من الحكمة لا لعلة نصبها علما»، انتهى، والصواب هو الأول، لكن اختلف في الضرر المدفوع بالشفعة ما هو؟، فقيل هي لدفع ضرر الشركة، وقيل لدفع ضرر القسمة إذا طلبها أحد الشريكين وأَبَى الثاني، وينبني على التعليل بالأول إثبات الشفعة فيما يقبل القسمة وفيما لا يقبلها، ومثلوا لما لا يقبلها بالحمام والرحا وسائر ما تفسده القسمة، أما من علل بالثاني فقد قصر الشفعة على ما يقبل القسمة، ومنعها فيما لا ينقسم، وهو المذهب، قال مالك في الموطإ في آخر كتاب الشفعة بعد أن ذكر أمثلة لما
لا شفعة فيه من العبيد والحيوان والثياب والبئر من غير أرض:«إنما الشفعة فيما يصلح
أن ينقسم وتقع فيه الحدود من الأرض، فأما ما لا يصلح فيه القسم فلا شفعة فيه»،
انتهى.
ولا أدري وجه منع الشفعة فيما لا ينقسم مع أن الضرر فيه كغيره، بل هو أولى، فإن ما يقبل القسمة يمكن تقليل ضرره على المشارك أو دفعه كله بها، أما مَا لا يقبلها فلا سبيل إلى دفع الضرر إلا بجعل مالكه واحدا أو تقليل المالكين، وهذا قول في المذهب، وقال ابن العربي في المسالك ينتصر للمشهور:«ذلك أن الشفعة شرعت لدفع الضرر في القسمة، والخسارة في تغيير هيئة الحمام والبئر أكثر منها في مئونة القسمة، فكيف يدفع ضرر بأعظم منه؟، وإنما يرفع أعظم الضرر بأهون منه،،،»، انتهى، قال كاتبه: ما لا يقبل القسمة لا يقسم فتكون الشركة فيه دائمة إلا أن يكون للمشارك حق الشفعة فيتخلص به من ضررها بخلوص الملكية له، فليس هناك ضرر أعلى يدفع بضرر أدنى كما توهمه هذا الإمام، لأن إثبات حق الشفعة يدفع القسمة عما لا ينقسم، أو ينقسم ومع القسمة فساد.
وقال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (٣٠/ ٣٨٣): «وظن من ظن أنها تثبت لرفع