للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على فضل الجماعة، وإن كان يحصل له ثواب ما أدركه، ويستحب له الإعادة في جماعة كما سيأتي، لكن في كون من لم يدرك ركعة لا يحصل له فضل الجماعة مطلقا نظر، فقد روى أبو داود (٥٦٤): عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : «من توضأ فأحسن وضوءه ثم راح فوجد الناس قد صلوا أعطاه الله ﷿ مثل أجر من صلاها وحضرها لا ينقص ذلك من أجرهم شيئا»، لكن لو قيل إن هذا في الحريص على صلاة الجماعة لا المتهاون لكان متجها.

قال ابن عبد البر في (الاستذكار ١/ ٦٠) بعد أن أورد آثارا في هذا المعنى: «وهذا كله يؤيد أن الفضل والأجر على قدر النية فلا مدخل للقياس والنظر، وما كل مصل يتقبل منه، فكيف يضاعف له؟، والله يؤتي فضله من يشاء».

أما دليل إدراك فضل الجماعة بركعة؛ فما في الموطإ (١٤) والصحيحين (مسلم ٦٠٧) من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله : «من أدرك ركعة من الصلاة مع الإمام فقد أدرك الصلاة»، وليس معنى إدراكها أن ما أدركه يكفيه عما سبقه به إمامه، فإن هذا متروك بالنص والإجماع، يبينه قوله : «فقد أدرك الصلاة مع الإمام»، يعني فضلها.

واعلم أن معنى هذا الحديث غير معنى الحديث المتقدم في إدراك صلاة الصبح والعصر قبل الغروب والشروق بركعة، فإن ذلك في إدراك الوقت وهذا في إدراك فضل الجماعة وحكم المأمومية كما تقدم، لكن مالكا أورده في وقوت الصلاة، لأن اللفظ الذي رواه ليس فيه جملة (مع الإمام) فيكون صالحا بما فيه من إطلاق للدلالة على إدراك الوقت نظير الحديث الآخر الذي فيه النص على إدراك الوقت بركعة، والله أعلم.

وقد بين المؤلف ما يفعله من لم يصل مع الإمام ركعات الصلاة كاملة، وهو أنه يقضي القول كما فاته به إمامه من الإسرار والجهر، وقراءة السورة أو عدم قراءتها، لكنه في الأفعال يبني، ومعنى قضاء القول أنه يجعل ما أدركه مع الإمام آخر صلاته، ومعنى بنائه في الفعل أنه يجعل ما أدركه مع الإمام أول صلاته، ولو طبقنا هذا على من أدرك الركعة الأخيرة من المغرب؛ لكان اللازم أنه يقوم بعد سلام إمامه فيأتي بركعة بأم القرآن وسورة جهرا، لكنه يجلس بعدها لأنها الثانية في الفعل، ثم يقوم فيأتي بركعة بالفاتحة والسورة جهرا

<<  <  ج: ص:  >  >>