قال ابن العربي في المسالك (٦/ ٤٤٩): الهبة على الحقيقة لله وحده لأن حقيقتها هو العطاء بغير عوض مما لا يجب، والذي يعطي على الحقيقة بغير عوض ولا يجب عليه هو الله سبحانه، ولا يتصور ذلك في الآدمي لأنه مجبول على التلفت إلى الأغراض، إما في جلب منفعة، وإما في دفع مضرة، فلذلك كانت هبته محمولة على القصد إلى البدلية فيها»، انتهى بتصرف.
والهبة مصدر وهب يهب هبة ووهبا ووهبا، ويقال موهب وموهبة بكسر الهاء فيهما، وهما اسم مصدر، والاستيهاب سؤال الهبة، والاتهاب قبولها.
قال الحافظ في الفتح (٥/ ٢٤٣): «والهبة تطلق بالمعنى الأعم على أنواع الإبراء، وهو هبة الدَّيْنِ ممن هو عليه، والصدقة، وهي هبة ما يتمحض به طلب ثواب الآخرة، والهدية، وهي ما يكرم به الموهوب له، وتطلق الهبة بالمعنى الأخص على ما لا يقصد له بدل، وعليه ينطبق قول من عرف الهبة بأنها «تمليك بلا عوض»، انتهى ببعض الحذف.
وقد حض الشرع على الهبة بمعناها الأعم لما فيها من تقوية الصلات بين الناس، وإشاعة التواد والتحاب فقال النبي ﷺ:«تهادوا تحابوا»، رواه البخاري في الأدب المفرد، وأبو يعلى عن أبي هريرة ﵁، وقد حسنه صاحب التلخيص الحبير، وبلوغ المرام، وصاحب الإرواء، وفي الموطإ من (كتاب الجامع) عن عطاء الخراساني مرسلا: «تصافحوا يذهب الغِلّ، وتهادوا تحابوا وتذهب الشحناء»، والغل بكسر الغين الحقد، والشحناء البغضاء، وقال النبي ﷺ:«لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة»، رواه البخاري عن أبي هريرة، وفيه الحض على التهادي ولو باليسير كفرسن الشاة وهو عُظَيم قليل اللحم، وهو