٢٢ - «وأن الله ﵎ يجيء يوم القيامة والملك صفا صفا لعرض الأمم وحسابها وعقوبتها وثوابها».
مجيء الله تعالى هذا لفصل القضاء بين الخلق بعد شفاعة نبينا محمد ﷺ في أهل الموقف كما تقدم، وهي الشفاعة العظمى الخاصة به، وهو مما نص عليه كتاب الله تعالى في أكثر من موضع، فيجب الإيمان به، ومجيئه تعالى من صفات أفعاله كالكلام، والنزول، والدنو، والرضا، والغضب، والضحك، والعجب، ونحوها، والحديث عن صفاته فرع الحديث عن ذاته، فنؤمن بالنزول كما جاء من غير بحث، منزهين ربنا عما لا يليق به من صفات المخلوقين، تاركين جدال المجادلين، وتأويل المؤولين، قال سبحانه: ﴿كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (٢١) وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (٢٢)﴾ [الفجر: ٢١ - ٢٢]، ونظير هذه الآية قوله تعالى: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٢١٠)﴾ [البقرة: ٢١٠]، وقال تعالى: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ﴾ [الأنعام: ١٥٨].
فأما تأويل المجيء بأنه نزول رحمته، أو مجيء أمره، أو مجيء الملائكة؛ فهو قول مردود، لا دليل عليه، ثم هو تفسير لقول ابن أبي زيد بما لم يُرِدْهُ، فإنه ذكر في كتاب الجامع ما يفيد صراحة أن مجيئه تعالى صفة فعل، وذلك في قوله:«وأنه يجيء يوم القيامة بعد أن لم يكن جائيا والملك صفا صفا»، يدل عليه قوله:«بعد أم لم يكن جائيا»، وهذا هو الحق: