للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجميع آيات الصفات أمرها … حقا كما نقل الطراز الأول

وأرد عهدتها إلى نقالها … وأصونها من كل ما يتخيل

و (صفا صفا) معناه مصطفين، وليس الثاني توكيدا كما قد يتبادر، وهذا من المواضع التي يترك فيها متبادر صناعة النحو للتفسير المأثور، كما نص عليه ابن هشام في قطر الندى وبل الصدى، وقد وصف الملائكةُ في غير ما آية بهذا الوصف قال تعالى: ﴿وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٧٥)[آخر الزمر]، وقال تعالى: ﴿وَالصَّافَّاتِ صَفًّا (١)[أول الصافات]، وقال تعالى: ﴿وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (١٦٥) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ (١٦٦)[الصافات: ١٦٥ - ١٦٦]، وقال : «ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها؟،،،» (١)، وقال في خصائص أمته: «وجعلت صفوفنا كصفوف الملائكة» (٢).

والناس في العرض والحساب متفاوتون: فمنهم من يدخل الجنة من غير حساب، دلّ على ذلك قول رسول الله كما في الصحيح عن ابن عباس : «عرضت علي الأمم، فأجد النبي يمر معه الأمة، والنبي يمر معه النفر، والنبي يمر معه العشر، والنبي يمر معه الخمسة، والنبي يمر وحده، فنظرت فإذا سواد كثير، قال: هؤلاء أمتك، وهؤلاء سبعون ألفا قدامهم لا حساب عليهم ولا عذاب، قلت: ولم؟، قال: كانوا لا يكتوون، ولا يسترقون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون،،،» الحديث (٣).

ومنهم من تعرض أعماله حتى يعرف منة الله عليه في سترها عليه في الدنيا، وفي عفوه عنها في الآخرة، فهذا سمي في القرآن حسابا يسيرا، ودل حديث عائشة -رضي الله تعالى عنها- على أن المراد بالحساب اليسير العرض، لأن من نوقش الحساب عذب، قال تعالى: ﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (٧) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (٨) وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا (٩)[الانشقاق: ٧ - ٩].


(١) رواه مسلم (٩٩٦) عن جابر بن سمرة.
(٢) رواه مسلم (٥٢٢) عن حذيفة.
(٣) متفق عليه: البخاري (٦٥٤١)، ومسلم (٢٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>