العدل بين النساء واجب، وقد جعله الله سبحانه شرطا في إباحة التزوج بأكثر من واحدة، فقال الله تعالى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا (٣)﴾ [النساء: ٣]، أي فانكحوا واحدة، أو تمتعوا بأكثر من واحدة بملك اليمين، لأنه ليس فيه من الحقوق ما في الزواج، ولعل الاقتصار على أربع نسوة لكون ذلك هو ما يتيسر معه العدل، وإعفاف الزوجات، وقد يؤخذ من الاقتصار عليه أن للزوجة الحق في الوقاع كل أربع ليال، وهو الذي رجحه الشيخ علي الصعيدي فيقضى لها به متى اشتكت، كما يقضى له إذا اشتكى بما تطيقه، وفي هذا التحديد والقضاء بحث، وقد بين الله ﷿ عسر العدل الكامل في قوله: ﴿وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ (١٢٩)﴾ [النساء: ١٢٩]، لكن هذا لا يدل على أن العدل المطلوب غير مستطاع، وإلا ما كان الناس مكلفين به، وإنما المراد ميل النفس، فلا ينبغي أن يجاري المرء ذلك فيترتب عليه من الآثار العملية ما لا يجوز، والمرء لا يكلف ما لا يملكه، فهذا هو الذي نفى الله استطاعته، لكنه نهى عن الاسترسال فيه، قال البغوي في تفسيره (١/ ٦٠٧): «أي لن تستطيعوا أن تسووا بين النساء في الحب وميل القلب، ولو حرصتم على العدل، فلا تميلوا كل الميل في القسم والنفقة إلى التي تحبونها، أي لا تتبعوا أفعالكم أهواءكم،،،»، انتهى، وقد كان النبي ﷺ يقسم بين نسائه فيعدل، وروي عنه أنه قال:«اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تؤاخذني فيما تملك ولا أملك»، رواه أبو داود (٢١٣٤) والترمذي عن عائشة -رضي الله تعالى عنها-، وفسره أبو داود بالقلب، وقال الترمذي:«يعني به الحب والمودة»، انتهى، والقسم بفتح القاف وسكون السين، وعن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «إذا كان عند الرجل امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة وشقه ساقط»،