للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله في الصبح»؟، قال نعم، بعد الركوع يسيرا»، وفي الصحيحين عن عاصم الأحول قال: «سألت أنسا عن القنوت أكان قبل الركوع أم بعده»؟، قال: «قبله»، قلت: «فإن فلانا أخبرني عنك أنك قلت بعد الركوع»، قال: «كذب، إنما قنت رسول الله بعد الركوع شهرا»، ومعنى قوله: «كذب»؛ أخطأ، وهي لغة الحجازيين، وفي المدونة قال مالك في القنوت في الصبح: كل ذلك واسع، قبل الركوع وبعد الركوع،،، والذي آخذ به في خاصة نفسي قبل الركوع»، وقال البيهقي: «رُوَاة القنوت بعد الركوع أكثر وأحفظ وعليه دَرَجَ الخلفاء الراشدون»، كذا في نيل الأوطار

لكن هذه النصوص أو بعضها إنما تصلح للاستدلال على موضع القنوت الذي دلت الأدلة الصحيحة على مشروعيته، وهو قنوت النوازل في جميع الصلوات، فالاستدلال بها على القنوت الذي قال به المالكية والشافعية في صلاة الصبح مع عدم القول بقنوت النوازل ليس كما ينبغي، وهو الذي فعله الحافظ الغماري في مسالك الدلالة.

ويمكن القول بعدم وجود حديث صحيح صريح في هذا القنوت، ومع ذلك فهو خلافية كبرى لما في النصوص من الاحتمال، مع كثرة من كان على هذا الأمر من السلف حسب نقلة الأخبار منهم الخلفاء الأربعة، وغيرهم من الصحابة والتابعين وتابعيهم وأئمة الأمصار، مع تعارض النقل عن كثير منهم نفيا وإثباتا، ويبدو أن المنفي عن بعضهم هو هذا القنوت، وأن المثبت غيره، وقد سمى الحازمي في الاعتبار منهم نحو الأربعين، وقال قبل ذلك: «اتفق أهل العلم على ترك القنوت من غير سبب في أربع صلوات، وهي الظهر والعصر والمغرب والعشاء، واختلف الناس في القنوت في صلاة الصبح،،،».

ومن أشف ما استدل به المثبتون لهذا القنوت؛ ما رواه الدارقطني بسند صحيح عن أنس قال: «ما زال رسول الله يقنت في صلاة الغداة حتى فارق الدنيا»، وهذا ليس صريحا فيما نحن بصدده، فإن للقنوت معاني منها الطاعة، والسكوت، والخشوع، وطول القيام، وغيرها، ويظهر أن معنى الحديث المتقدم طول القيام، كما قال النبي : «أفضل الصلاة طول القنوت»، رواه مسلم (٧٥٦) عن جابر، وقد تقدم دليل تطويل النبي

<<  <  ج: ص:  >  >>